لماذا يجب أن نتجنب الانتحال في الصحافة

tag icon ع ع ع

علي عيد

بإمكانك اقتباس عبارة، فكرة، مقولة، ضمن مادة صحفية شرط أن تكون أمينًا في نسب هذا الاقتباس إلى صاحبه، سواء كان شخصًا أو مؤسسة صحفية أو مركز أبحاث، وقد يعرضك عدم الالتزام بهذا المعيار المهني إلى الاتهام بالسرقة، كما يعرض مؤسستك لحرج أخلاقي إن لم يكن قانونيًا أيضًا.

السرقة الصحفية أو الانتحال (plagiarism in journalism)، هو انتهاك لحقوق النشر، مثل استخدام كلمات الآخرين أو أفكارهم، والنسخ واللصق من موقع أو كتاب أو جريدة أو مجلة، وكذلك سرقة الأفكار وصياغتها بطريقة مختلفة مع الحفاظ على المضمون دون الاستشهاد بالمصادر الأصلية لتلك الأفكار وكيف جرى توليدها.

الصحفي توني روجرز (Tony Rogers)، مؤلف كتاب “كتابة الأخبار في الموعد النهائي” (Newswriting on Deadline)، يعرّف الانتحال بأنه “الادعاء بأن عمل شخص آخر هو عملك، من خلال وضعه في قصتك دون إسناد أو ائتمان”.

ويسرد المتخصصون في قطاع الإعلام ومنهم روجرز بضعة أشكال للانتحال، منها:

  • انتحال المعلومات التي جمعها مراسل آخر دون نسبها إلى المصدر أو وسيلة النشر.
  • انتحال الكتابة بنسخ مقاطع منشورة في مكان آخر، وهذا يسمى الكتابة المسروقة.
  • انتحال الأفكار (Idea Plagiarism) باستخدام ونسخ فكرة أو نظرية جديدة في قضية ما من مقال رأي أو كاتب صحفي أو محلل.

من أشكال السرقة أو الانتحال الأخرى السرقة الذاتية (Self-Plagiarism)، وتعرفها مجلة “الصحافة” الصادرة عن مؤسسة “الجزيرة”، بأنها سرقة الصحفي من نفسه، عبر “إعادة الصحفي نشر كل أو جزء من مادة صحفية سابقة أعدها لمؤسسة صحفية، لمصلحة مؤسسة أخرى”، ويعد هذا السلوك من أنواع السرقة “على مبدأ أن المحتوى ملك للمؤسسة التي أُنجزت المادة لها أول مرة وليست للصحفي”.

ويمكن أن أضيف أشكالًا أخرى إلى الانتحال في الصحافة منها:

  • السطو على أفكار الآخرين قبل نشرها أو خلال المباشرة بإنتاجها، وهو يحدث مؤخرًا في الصحافة الاستقصائية، إذ تعتبر الأفكار كنزًا سريًا يؤدي كشفه أمام أحد المنافسين إلى المعاجلة في إنتاج قصة لا يمكن إثبات الانتحال فيها.
  • السطو على معلومات حساسة أو بيانات وأرقام بذل صحفي آخر جهدًا كبيرًا للحصول عليها ولم ينشرها بعد.
  • استخدام الصور والفيديوهات المنشورة في وسائل إعلام أو على “السوشيال ميديا” دون نسبها إلى مصدرها الأصلي.
  • سرقة الخطوط (الأفناط) والتصميمات الخاصة بوسائل الإعلام التي ليست مشاعًا، وهذا نمط للانتحال الخاص بالمواقع الصحفية والمدونات، لا بالأفراد والمحتوى.

وتضع كثير من المؤسسات الصحفية شروطًا لنقل جزء من محتواها أو كله، فبعضها يشترط نسب المعلومة إلى مصدرها، وبعضها الآخر يشترط الإذن الخطي بمخاطبة الجهة التي تقتبس منها مباشرة، وبعضها يطلب عدم اقتباس أي جزء من النص أو كله واستخدامه في النشر الصحفي أو حتى الأبحاث.

وتنص المادة الثامنة من ميثاق شرف الإعلاميين السوريين الموقع من 60 طرفًا ومؤسسة عاملة في القطاع الصحفي، على شرط “احترام حقوق الطبع والنشر والتأليف، والإشارة إلى المصادر عند الاقتباس”.
قد يعرض الانتحال أو السرقة في الصحافة صاحبه للعقوبة في المؤسسة أو من قبل المالك الأصلي، فبعض المؤسسات تتخذ قرارًا بوقف الصحفي، أو تخفيض درجته، أو الحسم من مرتبه، بينما تصل الأمور في أحيان أخرى إلى إلحاق الأذى بالمؤسسة التي يعمل بها الصحفي، وفي جميع الأحول يتعرض الصحفي ومؤسسته للأذى المعنوي والأخلاقي والمادي، حسب حجم السرقة أو الانتحال، ونوعه وضرره.

ثمة نصائح يمكن اتباعها لتجنب الانتحال أو السرقة الصحفية منها:

  • وضع كل فكرة أو معلومة أو عبارة مقتبسة داخل علامة الاقتباس (Quotation mark)، والإشارة بالاسم الصريح إلى المصدر، واستخدام روابط تذهب بالقارئ نحو المادة الأصلية، وهو ما توفره التقنيات الخاصة بالمواقع الإلكترونية.
  • تأكد من أنك لا تنشر صورًا أو فيديوهات أو موسيقا لديها حقوق نشر، وإذا وجدت مصدرًا متاحًا، فحافظ على قاعدة ذكر المصدر وتاريخ النشر.
  • مراجعة قوانين الاقتباس والنقل وحقوق النشر لدى كل مصدر تم الاستناد إليه في نقل المعلومة أو المحتوى البصري والسمعي، ومخاطبة تلك المصادر عند الحاجة أو الاشتراط.
  • تجنب معلومات المصادر المفتوحة غير المنسوبة إلى أصلها، فقد تتورط في نقل معلومات مسروقة بالأصل.
  • لا تتورط في نقل محتوى شائع على منصات التواصل الاجتماعي دون العودة إلى المصدر الأساسي وتتبعه بشكل دقيق، تجنبًا للاتهام بالانتحال والسرقة للتضليل أو التزوير.
  • راجع مادتك الصحفية وتأكد من أنك لم تهمل الإشارة إلى المصادر وحقوق النشر فيها، ويمكنك أيضًا استخدام وسائل الذكاء الاصطناعي في فحص مادتك الصحفية، لأنك تتعامل مع ملفات تحتاج إلى جمع معلومات، وقد يحدث خلط أو خطأ غير مقصود يتسبب بتجاهل ذكر المصدر.
  • لا تعد نشر أفكارك أو محتواك الذي نشرته في وسيلة إعلام كنت تعمل بها سابقًا لمصلحة وسيلة إعلام جديدة، لأن المحتوى هو ملك الوسيلة الإعلامية، وفي بعض الحالات يمكنك الاستئذان من الطرفين إذا كان الأمر ضروريًا.
  • احترم خصوصية الأفكار التي يولدها الآخرون، فاحتكاكك بزملاء المهنة يفتح المجال أمام إفشاء الأسرار دون قصد، أو بناء على الثقة المتبادلة، وتجنب السطو على أفكار طرحها آخرون ويشرعون بإنتاجها.
  • لا تعد نشر معلومات نشرتها وسيلتك الإعلامية على أنها من صناعتك، وفي كل مرة تقوم بها بالاستناد إلى مواد صحفية أنتجتها مؤسستك أشر إلى ذلك بوضوح، وضع الرابط الخاص بالمادة الأصلية.

فقد كثير من الصحفيين وظائفهم، ولطخوا سمعتهم بالانتحال غير القانوني، أو عرضوا مؤسساتهم وأنفسهم للملاحقة القانونية بسبب دعاوى الحق الأدبي أو المادي، وغالبًا ما يتورط الصحفيون المبتدئون بمثل هذه الانتهاكات، وهذا ما يستدعي قيام مؤسساتهم بوضع معايير مهنية تخص الاقتباس واستخدام المعلومات وتجنب السرقة والانتحال، مع لوائح تخص عقوبات بحق مرتكبي هذا التجاوز بقصد أو عن غير قصد.. وللحديث بقية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة