لردم فجوة الإفلات من العقاب

مطالب بإنشاء محكمة دولية لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا

مطالب بإنشاء محكمة دولية لاستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا

camera iconمنظمات سورية ومجموعات الضحايا والناجين والخبراء الدوليين خلال مؤتمر المجتمع المدني السوري حول الأسلحة الكيماوية في لاهاي -23 تشرين الثاني 2023 (المجلس السوري-البريطاني/تويتر)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – براءة خطاب

في 30 من تشرين الثاني 2023، يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيماوية، أصدرت منظمات سورية وناجون شهود من الهجمات الكيماوية دعوة عامة لإنشاء محكمة جنائية دولية لاستخدام هذه الأسلحة تحت مسمى “المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيماوية” (ECWT).

وبعد أكثر من عامين من المشاورات مع الخبراء القانونيين والتقنيين والحكومات والمنظمات الدولية، وانطلاقًا من الحاجة إلى مكافحة فجوة الإفلات من العقاب الناشئة عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وبهدف ردع استخدامها في المستقبل، طالبت مجموعة من مؤسسات حقوقية وإنسانية ومدنية سورية، ومن روابط ومجموعات الضحايا وذويهم والشهود والناجين من الهجمات الكيماوية في سوريا، بإنشاء محكمة استثنائية للأسلحة الكيماوية.

وجاء الطلب بهدف محاكمة مستخدمي الأسلحة الكيماوية دوليًا في الحالات التي لا يمكن اللجوء فيها إلى المحافل الجنائية القضائية الدولية القائمة، كما هي الحال في سوريا.

وسيوفر إنشاء مثل هذه المحكمة مساحة للبت في الأدلة التي جُمعت ولا يوجد لها منفذ قضائي دولي، بالإضافة إلى توفير مستوى من الإنصاف للضحايا، والمساهمة في محاسبة الجناة.

ولإنشاء هذه المحكمة، ستعمل الدول بشكل جماعي في إطار حقوقها كدول، وفق الالتزامات المتأصلة والمنصوص عليها في المعاهدات والأعراف الدولية، وبما يتماشى مع العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدعو بشكل لا لبس فيه إلى المساءلة عن استخدام الأسلحة الكيماوية.

ردم فجوة الإفلات من العقاب

الدول التي ستنشئ المحكمة الاستثنائية المقترحة للأسلحة الكيماوية ستقوم بردم فجوة الإفلات من العقاب على استخدام هذه الأسلحة في الحالات التي يتم منع المحكمة الجنائية الدولية من التصرف فيها.

وبهذه الطريقة، تكون الدول قد كتبت تاريخًا جديدًا، وسعت نحو حماية أمنها، مدافعة عن الضحايا، ومعززة الحظر الأساسي لهذه الأسلحة، الآن وفي المستقبل على حد سواء.

مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، قال لعنب بلدي، “توجهنا بخطابنا للدول من أجل تأسيس هذه المحكمة باعتبار أن الأسلحة الكيماوية أسلحة دمار شامل، ولوجود تقارير أممية ودولية أثبتت استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، بالإضافة إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي تدين استخدام النظام السوري للسلاح، وهي المحرك الأساسي للمبادرة بإنشاء محكمة”.

وأضاف أنه “لضمان عدم بقاء النظام السوري والضالعين في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا دون محاسبة، طالبنا بإنشاء محكمة استثنائية للأسلحة الكيماوية”.

وأوضح عبد الغني أن المطالبة بتأسيس المحكمة ما زال في نطاق المبادرة، وإنشاؤها يحتاج إلى وقت طويل، وتضافر جهود من الناجين وذوي الضحايا والمنظمات.

رئيس “البرنامج السوري للتطوير القانوني”، إبراهيم العلبي، وهو شخصية رئيسة في المبادرة، بين أن دبلوماسيين من 44 دولة على الأقل من جميع القارات شاركوا في المناقشات، بعضهم على المستوى الوزاري.

ويمكن إنشاء المحكمة مع مجموعة من ست إلى ثماني دول متنوعة جغرافيًا جادة ومتوافقة بشأن الأسلحة الكيماوية والمساءلة.

وبمجرد إنشائها، يمكن للمحكمة أن تفتح عضويتها على نطاق أوسع، على أساس أن التمثيل الجغرافي العادل أمر أساسي، لتعكس عالمية القاعدة.

واستنادًا إلى بحث مكثف في لوائح الاتهام الصادرة عن المحاكم والهيئات القضائية السابقة والتشاور مع الخبراء، بمجرد موافقة الدول على إنشاء المحكمة، يُقدر أن الأمر سيستغرق حوالي عام واحد لإنشائها، ومثله لإصدار لائحة الاتهام الأولى، بالنظر إلى كمية الأدلة التي جُمعت حتى اليوم، بحسب “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”.

ويعد حظر استخدام الأسلحة الكيماوية من الناحية النظرية أحد أكثر المعايير المقبولة عالمًيا في القانون الدولي.

وبالرغم من هذه الحقيقة، والأدلة الكثيرة التي جمعتها الهيئات الدولية، مثل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والآلية الدولية المحايدة والمستقلة، يظهر استخدام هذه الأسلحة على نطاق غير مسبوق في السنوات الأخيرة، خصوصًا في سوريا.

وتعذّر اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية في سوريا، وهي المسار المعتاد للنظر في مثل هذه الجرائم، بسبب استخدام حق “النقض” في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2014.

سلطة لمحاكمة الأفراد

لا تزال دعوات الضحايا والمجتمع الدولي إلى المساءلة دون إجابة، مع وجود كم هائل من التقارير التي تدين استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية، ما دفع إلى المطالبة بوجود محكمة دولية لاستخدام هذه الأسلحة، بحسب “المركز السوري للعدالة والمساءلة”.

وتنبع الدعوة إلى إنشاء محكمة من القاعدة العالمية التي تدعمها المعاهدات والقرارات القوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

وبموجب معاهدة متعددة الأطراف وقعتها عدة دول من جميع أنحاء العالم، سيتم إنشاء المحكمة، ومن شأن هذا التنوع الجغرافي أن يزيد من تعزيز شرعيتها، بحسب “المركز”.

وستجتمع هذه الدول معًا لمقاضاة الجرائم بشكل جماعي، ويمكن مقاضاة الجرائم بشكل فردي إذا أرادت الدول ذلك، من خلال “تفويض” حقها الموجود، بموجب معاهدات مختلفة وكذلك الولاية القضائية العالمية، لمقاضاة جرائم الأسلحة الكيماوية.

كما يمكن لتلك الدول القيام بمقاضاة جماعية بغض النظر عن ممارستها الفعلية في مقاضاة تلك الجرائم محليًا، لأنها تفوض حقها السيادي في مقاضاة تلك الجرائم، وهو حق موجود لجميع الدول، بدلًا من الطريقة التي يتم اختيارها للقيام بذلك محليًا.

سوريا تخرق التزاماتها

بسبب انتهاك النظام السوري اتفاقية منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تتعهد كل دولة طرف فيها بـ”ألا تقوم باستحداث أو إنتاج الأسلحة الكيماوية أو حيازتها بطريقة أو بأخرى، أو تخزينها أو الاحتفاظ بها، أو نقل الأسلحة الكيماوية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى أي كان، بالإضافة إلى عدم استعمالها”، باتت محاسبة النظام السوري مطلبًا لآلاف الضحايا وعشرات المنظمات الدولية.

وفي 30 من تشرين الثاني الماضي، انتقد أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية سوريا بسبب خرق التزاماتها الدولية المتمثلة في الإفصاح عن الذخيرة السامة المحظورة التي تمتلكها وتسليمها، كما دعا الأعضاء إلى حظر نقل المواد الكيماوية إلى دمشق.

واعتمد أعضاء المنظمة في لاهاي قرارًا ردًا على عدم امتثال سوريا لالتزاماتها، ولمواجهة خطر انتشار ذخائر الأسلحة الكيماوية في سوريا وخارجها، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز”.

ودعا القرار إلى حظر “أي نقل مباشر أو غير مباشر لبعض السلائف الكيماوية، ومرافق تصنيع المواد الكيماوية ذات الاستخدام المزدوج، والمعدات والتكنولوجيا ذات الصلة إلى سوريا”، بالإضافة إلى تقديم الدعم والتعاون مع التحقيقات الجنائية في الاستخدام غير القانوني للأسلحة الكيماوية في سوريا.

وينفي النظام السوري استخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطة الشرقية ودمشق وخان شيخون، أو في أي مدينة سورية أخرى.

وفي 15 من تشرين الثاني الماضي، أصدر قضاة التحقيق الجنائي الفرنسيون مذكرات توقيف بحق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وشقيقه ماهر الأسد، واثنين من معاونيه، بتهمة استخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة ضد المدنيين في مدينة دوما والغوطة الشرقية بدمشق عام 2013، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1000 شخص.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة