ارتفاع الضغط ومشكلات في الكلى والقلب..

ما الأضرار الصحية للإفراط بتناول ملح الطعام

ما الأضرار الصحية للإفراط بتناول ملح الطعام
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

يعتبر ملح الطعام إضافة لا غنى عنها في نظامنا الغذائي اليومي، فهو يُستخدم لإضافة النكهة والطعم للعديد من الأغذية أو لحفظها، بالإضافة إلى وجوده كمكون طبيعي في العديد منها.

وقد عُرف استخدام الملح قديمًا، إذ كان يُستعمل على مر العصور في الطهو وحفظ الأغذية. ولا توجد معلومات واضحة حول المرة الأولى التي تم استخدام الملح فيها باعتباره مكونًا أساسيًا في الطعام أو كحافظ له، لكن استخدام الإنسان للملح قد يعود إلى أزمنة بعيدة جدًا.

وكانت أغلب الحضارات تعتبر الملح من الأشياء الثمينة والجديرة باستخدامها في المعاملات الاقتصادية، وأحيانًا كان سببًا في وقوع أزمات اقتصادية في بعض الحضارات، ولعدة قرون كانت تعني ملكية مناجم الملح الثروة والسلطة، لذا كان يسمى بـ”الذهب الأبيض”.

ممَّ يتكون ملح الطعام وما أهميته الغذائية؟

يتكون ملح الطعام بشكل أساسي من كلوريد الصوديوم (NaCl-Sodium chloride)، ويتم استخراجه في الأساس من خلال عملية تبخير مياه البحر أو استخراجه من بعض الصخور الغنية بمعدن كلوريد الصوديوم مثل “الهاليت”.

المادة الموجودة في الملح التي تلعب دورًا أساسيًا في أجسامنا هي الصوديوم، الذي يشكل 40% من تكوين الملح، أي أن كل غرام من ملح الطعام يحوي 0.4 غرام من الصوديوم.

والصوديوم هو معدن مهم للجسم، ويتداخل عمله مع عمل العديد من المعادن الأخرى كالبوتاسيوم لتنظيم عدة عمليات حيوية مهمة في أجسامنا، إذ إنه:

  • يلعب دورًا مهمًا في تنظيم توازن السوائل في الجسم وتوازن الحمض والقاعدة فيه.
  • يعمل على نقل الإشارات العصبية وتقلص العضلات.
  • يُنظم عمل الجهاز الهضمي.
  • يحفظ حرارة الجسم ويقي من ضربات الشمس.

ما الأضرار الصحية للإفراط بتناول ملح الطعام؟

تنجم معظم المشكلات عن زيادة نسبة الصوديوم في الجسم، وفيما يأتي أبرز الأضرار:

  • ارتفاع ضغط الدم: المشكلة الأولى والأشهر من أضرار الملح هي مشكلة ارتفاع ضغط الدم وما يتبعها كأمراض القلب والسكتات الدماغية وغيرها، وتحدث هذه المشكلة بشكل أساسي بسبب أن زيادة كمية الصوديوم قد تؤدي إلى احتباس الماء في الجسم وبالتالي زيادة حجم الدم وزيادة الضغط معه.
  • مشكلات في الكلى: من المعروف أن الشعيرات الصغيرة والحساسة في الكلى مسؤولة عن تنقية الفضلات في الجسم وتصفية الدم من المعادن الفائضة ومن بينها كميات الصوديوم الزائدة على حاجة الجسم، وزيادة كمية الملح والصوديوم تزيد العبء على الكلى ما قد يؤدي مع الوقت إلى تشكل حصى الكلى، كما أن ضغط الدم المرتفع قد يؤدي إلى ضرر شرايين الكلى الدقيقة ويؤثر على كفاءتها.
  • مشكلات القلب: بما أن زيادة تناول الملح تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، فهي أيضًا مرتبطة بزيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وزيادة حجم الدم قد تؤدي إلى تضخم وزيادة في حجم القلب وإصابته بالفشل، ما يجعل القلب ضعيفًا وأكثر عرضة للتعب وللجلطات والسكتات المفاجئة.
  • مشكلات الجهاز الهضمي: يلعب الصوديوم دورًا مهمًا جدًا في إفرازات الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى أن المستويات المرتفعة منه تؤدي إلى اضطراب في عضلات المعدة، ما يتسبب في التقلصات وأعراض أخرى مزعجة مثل الغثيان، وقد يصل الأمر لدى بعض الأشخاص إلى خطر الإصابة بسرطان المعدة.
  • الجفاف: الصوديوم الزائد في الجسم يعمل على سحب المياه من داخل الخلايا وبالتالي جفافها وزيادة التبول، وهذا يؤدي إلى زيادة الشعور بالعطش.
  • الانتفاخ أو الوذمة: يؤدي الصوديوم إلى انحباس الماء في الجسم، وهذا ما يشاهد في بعض الحالات خاصة في فترة الحمل أو في حالات الإصابة ببعض الأمراض وخاصة أمراض الكلى.
  • خلل في عمل المعادن والهرمونات: وجود كميات كبيرة من الصوديوم في الدم قد يؤدي إلى خلل توازن المعادن والهرمونات في الجسم، ما قد يؤثر على العديد من العمليات الحيوية فيه وخاصة التي تعتمد على تنظيم كهرباء الجسم والتي تدخل في عمل الأعصاب، ما قد يزيد من خطر حدوث التشويش والدوخة والاكتئاب، كما قد يؤثر على عمل العضلات في الجسم ويسبب الشد العضلي.
  • هشاشة العظام: زيادة الصوديوم في الجسم قد تؤثر على توازن المعادن وخاصة الكالسيوم ومنع امتصاصه والاستفادة منه، وهذا قد يؤثر سلبًا على كثافة العظم ونموه وخاصة في الحالات المعرضة أكثر للإصابة بهشاشة العظام مثل النساء ما بعد سن اليأس.
  • جفاف البشرة وزيادة ظهور حب الشباب.
  • صعوبات في النوم: قد يؤدي الإفراط في تناول الملح قبل النوم إلى الإصابة بصعوبات في النوم يمكن أن تتراوح شدتها بين النوم المضطرب والاستيقاظ كثيرًا في الليل، ويصاحب ذلك شعور بعدم الراحة في الصباح.
  • زيادة الوزن: توجد دائمًا علاقة طردية ما بين ارتفاع نسبة الصوديوم وبين زيادة الوزن، ويمكن إرجاع هذا لأكثر من سبب:
  • يعزز الملح طعم الأطعمة، ويعطيها النكهة المتبلة المميزة، ما قد يشجع على الإفراط في تناول الطعام.
  • تؤدي الأطعمة المالحة إلى زيادة الشعور بالعطش، وكثير من الناس يروون عطشهم بالمشروبات المليئة بالسعرات الحرارية.
  • تبين أن اتباع نظام غذائي عالي الصوديوم قد يؤثر على نشاط الخلايا الدهنية، ما يجعلها أكبر.
  • يحتفظ الجسم بالمزيد من السوائل ويحبسها عند تناول الكثير من الملح، ما يسبب الانتفاخ.

هل الصوديوم فقط هو الذي يتسبب بالضرر عند الإفراط بتناول ملح الطعام؟

لا، فملح الطعام الأبيض في الأساس هو مزيج من مواد كيماوية معالجة تمر بمراحل إنتاجية عدة قبل وصولها إلى مائدة الطعام، قد تؤثر على طبيعة المعادن الموجودة بالملح وقيمتها، وتسبب أضرارًا خطيرة، وأبرز هذه الأضرار:

  • تضاف عوامل مضادة للتكتل إلى الملح خلال التصنيع لمنعه من التكتل، تحتوي بعض هذه العوامل الشائعة على الألمنيوم الذي يحتمل أن يكون مسرطنًا وقد يتراكم في الدماغ، ما يؤدي إلى الإصابة بأمراض عصبية، مثل مرض ألزهايمر.
  • يتعرض الملح الخام خلال تصنيعه إلى التسخين على درجة حرارة تصل إلى 1200 درجة فهرنهايت، ما يعرضه إلى فقد نسبة كبيرة من المعادن المهمة الموجودة به.
  • تضاف إلى الملح مواد كيماوية اصطناعية، ومواد حافظة، يمكن أن تصبح سامة مع كثرة استهلاك الملح.
  • يلون الملح بمبيضات لجعل لونه أبيض، فالملح في صورته الطبيعية ليس أبيض.
  • يدعم الملح في بعض الدول باليود، إذ قد يسبب نقص عنصر اليود في جسم الإنسان تضخم الغدة الدرقية وقصورها وحدوث مشكلات في التمثيل الغذائي، ولهذا توصلت بعض الدول إلى تدعيم ملح الطعام بعنصر اليود كطريقة سهلة وغير مكلفة للوقاية من خطر قصور الغدة الدرقية، ولكن وبالرغم من تلك الفائدة الكبيرة للملح المعالج باليود، فإنه قد يعرض لخطر زيادة نسبة اليود في الجسم، وما لها من أضرار صحية.

ما كميات الملح الموصى باستهلاكها يوميًا؟

إن أي زيادة في استهلاك الملح على 6 غرامات يوميًا (2.4 غرام صوديوم) قد تعود بالضرر على الجسم وتعطل وظائفه المختلفة وتمنع امتصاص بعض المواد، وقد تبين أن البلدان التي خفضت فيها كمية استهلاك الملح بمقدار غرام للشخص يوميًا انخفضت الوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية والنوبات القلبية فيها بنسبة تجاوزت 7%، لذا توصي منظمة الصحة العالمية البالغين بتقليل استهلاك الملح إلى أقل من 5 غرامات للشخص الواحد في اليوم (أقل من غرامين من الصوديوم)، ويقصد بهذه الكمية إجمالي ما يتم تناوله سواء كان متضمنًا في الأكلات المختلفة أو ملح الطعام المباشر، أما بالنسبة للأطفال فتختلف الكمية المنصوح بها حسب العمر:

  • الأطفال أقل من سنة: أقل من غرام ملح في اليوم.
  • 3-1 سنوات: أقل من غرامي ملح في اليوم.
  • 6-4 سنوات: أقل من 3 غرامات ملح في اليوم.
  • 10-7 سنوات: أقل من 4 غرامات ملح في اليوم.
  • 11 سنة وأكبر: أقل من 5 غرامات ملح في اليوم.

ما علامات الإفراط في تناول الملح؟

حدوث الجفاف، وأبرز أعراضه:

  • الشعور المتكرر بالعطش ما يؤدي إلى كثرة شرب الماء وكثرة التبول.الصداع الخفيف والمتكرر.
  • الخمول والتعب العام وانخفاض الطاقة.
  • حدوث الإمساك، بسبب انتقال محتوى الماء في القولون والبراز إلى أجزاء أخرى من الجسم لتحقيق توازن السوائل.
  • الإصابة بالوذمة، وهي تورم الجسم وانتفاخه بسبب السوائل الزائدة في أنسجة الجسم.
  • فقدان التذوق، بسبب التكيف مع الملح الزائد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة