تشريعات عقارية تدفع السوريين نحو عقود “الهبة” و”حكم المحكمة”

شارع في مدينة دمشق/ سوريا- 7 من تشرين الثاني 2023 (وزارة النقل السورية/ فيسبوك)

camera iconأوتوستراد المزة في مدينة دمشق - 7 من تشرين الثاني 2023 (وزارة النقل السورية/ فيسبوك)

tag icon ع ع ع

يشهد سوق العقارات في مناطق سيطرة النظام نشاطًا ملحوظًا على بيع العقارات من خلال “حكم محكمة” أو “الهبة”، عوضًا عن البيع في السجل العقاري من خلال سند تمليك صادر عن مديرية المصالح العقارية.

يلجأ الراغبون بشراء أو بيع عقار إلى تنظيم أحد هذه العقود، لتجاوز بعض العراقيل والصعوبات.

وتنص المادة رقم “454” من القانون المدني على أن “الهبة” عقد من عقود التبرع، ويفيد التملك بلا عوض تطوعًا، أو تمليك المال في الحال مجانًا، ويعتبر عقد “الهبة” من التصرفات الناقلة للملكية بين الأحياء، وتقع على مال يملكه الواهب، سواء أكان منقولًا كالسيارات أم غير منقول كالعقارات، دون بدل أو عوض، أي دون مقابل نقدي، وهذا ما يميزها عن البيع، وهي عقد بين طرفين ولا تتم بإرادة الواهب المنفردة، بل بالإيجاب والقبول بين الواهب والموهوب له.

“الهبة لتجنب المتاعب”

يسرى (43 عامًا) تعيش في ريف دمشق، ذكرت لعنب بلدي ، أنها باعت منزلها إلى أحد أقاربها لتأمين تكاليف سفر ابنها، وذلك عن طريق “عقد الهبة” لتتجنب دفع الضريبة المالية، أو اضطرارها لإيداع نصف مبلغ البيع في البنك، كونها بحاجة كامل المبلغ وبوقت قصير، ما جعلها تتجه نحو عقد الهبة.

أما إخلاص (40 عامًا) التي تقيم في حماة، توجهت لبيع منزلها عبر “حكم محكمة” للتهرب من وضع نصف قيمة العقار في البنك بعد البيع، إذ يترتب عليها الذهاب للمصرف كل يوم لسحب المبلغ على عدة دفعات بحسب سحب الصرف.

أوضحت إخلاص لعنب بلدي، أنها باعت العقار عبر دعوى إثبات عملية البيع عبر محام من قبلها كبائع والطرف الأخر هو المشتري، وبهذا العقد هي غير ملزمة بوضع النسبة المحددة في البنك.

يحتاج تنفيذ عقد البيع بـ” حكم محكمة” لـ”إخراج قيد عقاري” وصورة عن البيان للمنزل المباع، وقيد مالي وبراءة ذمة من وزارة المالية، ومن ثم يصدر قرار البيع “بحكم محكمة” وينفذ في المصالح العقارية، وبهذا يعد البيع مثبتًا.

اقرأ المزيد:هل يحمل عقد “الهبة” في القانون السوري أي مخاطر للطرفين؟

يعيش سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ظروفًا معيشية واقتصادية صعبة، وسط تدهور في قيمة الليرة السورية، وضعف في القوة الشرائية مع ارتفاع أسعار مختلف السلع والمنتجات.

وفي 25 من آذار 2021، أقر مجلس الشعب قانون”ضريبة البيوع العقارية“، ويعتمد على استيفاء الضريبة على العقارات المباعة وفق قيمتها الرائجة، بدلًا من القيمة المعتمدة في السجلات المالية.

وألزمت حكومة النظام في آذار 2023، عبر قانون “البيوع العقارية” الذي يحدد الضريبة استنادًا إلى القيمة الرائجة للعقارات، بدلًا من القيمة المعتمدة في السجلات المالية، سداد مبلغ عبر الحسابات المصرفية بما يعادل نسبة 50% من قيمة العقار المباع حيث كانت  15%، ورفع سحب الصرف لـ25 مليون ليرة سورية.  

المحامي عارف الشعال، أوضح لعنب بلدي، أن حكم المحكمة يلجأ له المتعاقدان كبديل للتسجيل في السجل العقاري، بسبب العوائق التي تواجه البائع والشاري.

ذكر الشعال أن هذه البيوع والعقود تثقل القضاء بأعباء ليست من اختصاصه، ولكن كثرة العوائق تبرر إبرام هذه العقود.

البيروقراطية والتشريعات

ويرى الشعال، أن من الأسباب التي تدفع المواطن إلى اللجوء لهذه العقود، العوائق البيروقراطية التي تحول دون الفراغ، وفرض الموافقة الأمنية المطلوبة للبائع والشاري التي تمنع إتمام عملية البيع إذا كان أحد الأشخاص مطلوبًا أمنيًا بينما القضاء لا يشترط الموافقة الأمنية، بالإضافة إلى الفراغ الإداري أي وضع 50% من مبلغ العقار في البنك، واعتبر الشعار هذا القرار مرهقًا بالنسبة للبائع في عملية البيع.

وحول الاختلاف بين بيع “حكم المحكمة” وعقد “الهبة”، أوضح المحامي أن البيع بـ”حكم محكمة” له نفس مفاعيل بيع الملكية في السجل العقاري، إذ يملك الحق في البيع أو الإيجار، أما عقد “الهبة” يعد محفوفًا بالمخاطر بعض الشيء لكون هذا العقد لا ينص على ثمن العقار ولكن يلجأ له البعض في حالات اضطرارية.

وعند السؤال عن تأثير فرض مثل هذه القوانين، قال الشعال، أن التشريعات العقارية في سوريا بحاجة إصلاح ولكن العملية يجب أن تكون دقيقة.

وطالب رئيس فرع نقابة المحامين في محافظة ريف دمشق، محمد أسامة برهان، في تموز 2022 بضرورة تعديل قانون “ضريبة البيوع العقارية”، مؤكدًا أن له أثرًا سلبيًا كبيرًا في حركة بيع العقارات منذ صدوره، كما اعتبر أن هذا القانون يشكّل تعديًا على السلطة القضائية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة