تنفذها فصائل محلية وأذرع النظام

جهود محدودة لمكافحة تهريب المخدرات من سوريا نحو الأردن

جدار يفصل الحدود السورية عن الأردنية (رويترز)

camera iconجدار يفصل الحدود السورية عن الأردنية (رويترز)

tag icon ع ع ع

في الوقت الذي تعاني فيه الأردن من زيادة عمليات تهريب المخدرات نحو أراضيها قادمة من سوريا، نشطت مجموعات عسكرية محلية تتمركز جنوبي سوريا بعمليات مكافحة المخدرات، منها مقربة من النظام في درعا، وأخرى معارضة له أو ذات موقف محايد في محافظة السويداء.

وبالتزامن مع زيادة وتيرة عمليات التهريب وتحولها من تهريب مخدرات، إلى تهريب الأسلحة، ومن كونها محاولات تهريب عبر الحدود إلى هجوم استهدف نقطة عسكرية للجيش الأردني في محاولة لعبور الحدود بالقوة، أعلنت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) عن أنها تمكنت من ضبط كميات من المخدرات كانت معدة للتهريب نحو الأردن.

وبالنظر إلى العملية نفسها التي أعلنت عنها “سانا”، أفاد مراسل عنب بلدي في درعا أن فصيلًا رديفًا لـ”الأمن العسكري” هو من نفذ العملية، يقوده المعارض السابق للنظام عماد أبو زريق، المعاقب أمريكيًا وأوروبيًا لتورطه بعمليات تهريب وتجارة المخدرات.

تاجر مخدرات يكافح التهريب

في 4 من كانون الأول 2023، داهمت قوة محلية رديفة بـ”الأمن العسكري” ويقودها عماد ابو زريق، خيام البدو على أطراف بلدة نصيب في ريف درعا الشرقي لإلقاء القبض على تجار ومروجي المخدرات، لكنها لم تتمكن من العثور على أي مخدرات في المنطقة.

وقال “تجمع أحرار حوران” المحلي حينها، إن مجموعات يقودها أبو زريق، وعامر الراضي، داهمت عشرات الخيام التي يقطنها البدو الرحّل جنوب بلدة نصيب بريف درعا الشرقي، ونقل التجمع عن أشخاص من المنطقة استغرابهم لمحاربة المخدرات من قبل المسؤولين عنها في المنطقة.

وفي آذار 2023، خرجت عقوبات بريطانية للعلن مستهدفة القيادي السابق في “جيش اليرموك” عماد أبو زريق، إلى جانب أخرى أمريكية طالت مصطفى المسالمة الملقب بـ”الكسم” وهو قيادي سابق في فصائل المعارضة بمحافظة درعا أيضًا.

ينحدر عماد أبو زريق من بلدة نصيب في ريف درعا الشرقي، وهو لاعب كرة قدم سابق في فريق “الشعلة”، انضم إلى فصائل المعارضة المنضوية تحت لواء “الجيش الحر” مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وشغل منصب قائد عسكري في “جيش اليرموك” أحد أكبر فصائل “الجبهة الجنوبية” في درعا.

سيطر النظام السوري على محافظتي درعا والقنيطرة بعد “التسوية” التي أطلقها في تموز 2018، والتحق أبو زريق بقوات النظام مع مجموعة من مقاتليه لاحقًا.

وبحسب ما قاله قياديون سابقون في فصائل المعارضة لعنب بلدي، فإن أبو زريق اشتهر بعلاقته القوية بغرفة تنسيق الدعم الدولي للمعارضة السورية المعروفة باسم “موك” ومقرها الأردن.

واستغرب قادة سابقون في فصائل المعارضة، ووجهاء بمحافظة درعا عمليات المكافحة التي أطلقت في الفترة نفسها، على اعتبار أن القائمين عليها يعرفون محليًا بكونهم المسؤولين عن عمليات تجارة المخدرات بالمنطقة بشكل رئيس.

أحد وجهاء المحافظة، تحفظ على اسمه لمخاوفه الأمنية، قال لعنب بلدي، إن بلدة نصيب تحوي تجار مخدرات تسلحوا بعلاقتهم بالنظام، واستغلوا وجود معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن، وقرب البلدة من الحدود، لاستخدامها كمنطلق لعمليات التهريب.

ويرتبط قادة عسكريون لميليشيات محلية غير نظامية بريف المحافظة الشرقي بعلاقة مباشرة قائد “الأمن العسكري” في درعا، العميد لؤي العلي.

مصدر عسكري في فصيل يتبع إداريًا لـ”الأمن العسكري” تحدث لعنب بلدي شرط عدم ذكر اسمه، إذ قال إن بعض المجموعات المحلية في نصيب دعمت فصائل تتبع لتنظيم “الدولة الإسلامية” خلال الحملة الأمنية التي شنت ضدها في 2023، في محاولة منها للحفاظ على حالة الفلتان الأمني التي تخدم عمليات التهريب بالمحافظة.

وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قال خلال لقاء مصور مع قناة “سكاي نيوز” الإماراتية، إن “تجارة المخدرات كعبور وكاستيطان هي موجودة لم تتوقف دائمًا هذه حقيقة، ولكن عندما يكون هناك حرب وضعف للدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة، هذا شيء طبيعي، لكن من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة هي الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سوريا وليست الدولة السورية”.

القيادي السابق في فصائل المعارضة بدرعا، عماد أبو زريق- 10 من حزيران 2016 (أخبار الآن)

القيادي السابق في فصائل المعارضة بدرعا، عماد أبو زريق- 10 من حزيران 2016 (أخبار الآن)

للمرة الثانية

لم يكن عماد أبو زريق القيادي الوحيد المعاقب لضلوعه بتجارة المخدرات، والذي يشرف على عمليات المكافحة بمحافظة درعا، إذ سبق ذلك عمليات أمنية نفذها القيادي في “الأمن العسكري” مصطفى المسالمة الملقب بـ”الكسم” الذي قتل باستهداف لم يعرف المسؤول عنه حتى اليوم.

وقالت وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 31 من تموز 2023، إن عملية تمشيط واسعة انطلقت في المنطقة الحدودية مع المملكة الأردنية، جنوبي محافظة درعا، لمكافحة المخدرات عبر الحدود.

وأضافت حينها أن “عمليات تمشيط واسعة بدأتها دوريات مشتركة من الجيش السوري والقوى الأمنية المختصة، ضمن أجزاء واسعة من المنطقة الحدودية مع الأردن جنوب محافظة درعا، ضمن إطار المخطط الشامل الذي وضعته الدولة السورية بهدف ملاحقة تجار ومهربي المخدرات عبر الحدود السورية الأردنية وضبطها جنوبي سوريا”.

وأدرج اسم مصطفى المسالمة وعماد أبو زريق، في قائمة عقوبات بريطانية، لضلوعهما في تجارة المخدرات، في نفس اليوم الذي أدرجت فيه وزارة الخزانة الأمريكية أبو زريق (دون المسالمة) في قائمة عقوبات جديدة شملت شخصيات في سوريا ولبنان.

camera iconجزء من القوات العسكرية التابعة للنظام السوري، والمشاركة بالحملة الأمنية الأحدث جنوبي محافظة درعا- 31 من تموز 2023 (سبوتنيك)

جزء من القوات العسكرية التابعة للنظام السوري، والمشاركة بالحملة الأمنية الأحدث جنوبي محافظة درعا- 31 من تموز 2023 (سبوتنيك)

ينحدر المسالمة المعروف محليًا باسم “الكسم” من مدينة درعا البلد، وشغل منصب قيادي في “لواء أحفاد خالد بن الوليد”، أحد فصائل غرفة “البنيان المرصوص” التي تصدت لاقتحام النظام في درعا البلد عام 2017، ضمن معركة “الموت ولا المذلة”.

يشتهر بأنه متزعم مجموعة تتبع لـ”الأمن العسكري”، وقاد عددًا كبيرًا من الحملات الأمنية والمداهمات التي نفذتها قوات النظام في درعا منذ عام 2018 وحتى اليوم.

وانضم بعد “تسوية” تموز 2018 لفرع “الأمن العسكري”، وصار إحدى أبرز أذرع رئيسه، العميد لؤي العلي، في مدينة درعا.

واحتفظ “الكسم” بأسلحة ثقيلة من بينها مضادات أرضية، رغم أن فصائل المعارضة سلّمت أسلحتها الثقيلة بالكامل عقب “التسوية”، باستثناء “الكسم” و”اللواء الثامن”.

“اللواء الثامن” على الخط

في آيار 2023 شهد ريف درعا الشرقي مواجهات بين مجموعات محلية يتبع معظمها لـ”اللواء الثامن” في بلدتي صيدا وأم المياذن، إذ داهمت المجموعات نفسها بلدة أم المياذن والقت القبض على عدد من المتهمين بتجارة المخدرات وصادرت بعضها حسبما تحدثت عنه مواقع إخبارية محلية.

مصدر قيادي عسكري لفصيل محلي بريف درعا الشرقي (تحفظ على اسمه لدواع أمنية) قال لعنب بلدي، إنه من اللافت اغتيال كل من القياديين التابعين لـ”الأمن العسكري” فايز الراضي واسماعيل قداح، على يد مجهولين عقب هذه المداهمة التي استهدفتهما بشكل مباشر.

وأضاف القيادي الذي شارك إلى جانب “اللواء الثامن” بالمداهمات نفسها، أن العمل على محاربة المخدرات يعتمد على “الاستخبارات الخاصة” بالدرجة الأولى ثم دقة استهداف المتورطين.

ويحال المقبوض عليهم إلى سجن “بصرى” الذي يديره “اللواء الثامن” المسيطر على المنطقة، لكن بالنسبة للمتعاطين، يخضعون لجلسات علاج من الإدمان ضمن مراكز احتجاز معدة لهذا الغرض، بحسب القيادي.

عناصر من "اللواء الثامن" بجانب دوار أم المياذن شرقي درعا- 6 من آذار 2023 (صيدا بلحظة/ فيس بوك)

عناصر من “اللواء الثامن” بجانب دوار أم المياذن شرقي درعا- 6 من آذار 2023 (صيدا بلحظة/ فيس بوك)

عبر معبر “نصيب”

لم تقتصر عمليات التهريب على الشريط الحدودي الفاصل بين سوريا والأردن الممتدة على أكثر من 375 كيلومتر، إذ شهدت المنطقة خلال السنوات الماضية عمليات تهريب من معبر “نصيب” الذي تولى النظام إدارته مع الجارة الأردن منذ سيطرته على الجنوب السوري في تموز 2018.

وفي حزيران الماضي، أحبطت الجمارك الأردنية في معبر “جابر- نصيب” الحدودي محاولة تهريب 67 كيلوغرامًا من مادة “الكبتاجون” المخدرة كانت معدّة داخل مخبأ سري “بطريقة فنية”، وفقًا لبيان صادر عن دائرة الجمارك الأردنية.

وقال الناطق باسم دائرة الجمارك حينها، إن الكوادر الجمركية العاملة في مركز جمرك “جابر”، وبالتعاون والتنسيق مع الأجهزة الأمنية، تمكنت من إحباط تهريب المخدرات بعد الاشتباه بشاحنة (براد) بداخلها 400 ألف حبة “كبتاجون”.

سبق ذلك محاولات تهريب عبر المعبر الحدودي بين البلدين خلال 2022.

وفي كانون الأول من عام 2019، ضبطت السلطات الأردنية كمية “كبيرة” من المخدرات قادمة من الأراضي السورية إلى الأردن، بواسطة سيارة حاولت اجتياز معبر “نصيب” الحدودي.

ونقلت وكالة “عمون” الأردنية عن مصدر عسكري مسؤول في “القيادة العام للقوات المسلحة الأردنية”، لم تفصح عن اسمه، أنه تم إحباط محاولة تهريب شحنة مخدرات تضم مليونين و703 آلاف حبة “كبتاجون”.

وفي تشرين الأول 2023، قال وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، إن بلاده تتعامل مع كل شاحنة تدخل معبر “جابر” (نصيب) من سوريا على أنها محملة بالمخدرات، مؤكدًا أن أحد الأسباب الرئيسة لازدياد المخدرات في الأردن هو الأوضاع في سوريا.

وأضاف الفراية، بحسب ما نقلته وكالة “عمون” الأردنية، أن الأجهزة الأمنية نفذت حملات أمنية في مناطق معروفة بتجارة المخدرات وضبطت كميات “كبيرة وأعدادًا ضخمة” على صلة بالترويج للمخدرات، مشيرًا إلى أنّ معظم المخدّرات كانت ذاهبة باتجاه الخليج العربي.

وسبق أن قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، خلال ندوة مركز أبحاث “SRMG”، إن من بين ثلاث محاولات تهريب مخدرات من الحدود السورية للأردن، تنجح واحدة منها.

وخلال قمة الشرق الأوسط العالمية في مدينة نيويورك، في 20 من أيلول 2023، أعرب الملك الأردني، عبد الله الثاني، عن شكوكه في قدرة النظام السوري على السيطرة على “بلاده”.

وأوضح الملك الأردني، أنه غير متأكد مما إذا كان الأسد هو المسؤول الكامل عن البلاد في ضوء “المشكلة الكبرى” المتمثلة بتهريب المخدرات والأسلحة إلى الأردن.

الجمارك الأردنية تضبط مليونًا ونصف مليون حبة "كبتاجون"- 12 من نيسان 2022 (الجمارك الأردنية)

الجمارك الأردنية تضبط مليونًا ونصف مليون حبة “كبتاجون”- 12 من نيسان 2022 (الجمارك الأردنية)

تنسيق محلي.. لا توقعات بتغيير

في تشرين الثاني 2023، اجتمع ممثلون عن معظم الفصائل المحلية بمن فيها “اللواء الثامن” ومجموعة عماد أبو زريق، ووجهاء، وقادة عسكريون من مختلف أرياف درعا، بهدف “تنسيق الجهود لمحاربة تجارة المخدرات وعمليات الخطف والسرقة ومجموعات تنظيم (الدولة)”.

وشنت مجموعات مشتركة من مدينة نوى، ومناطق جاسم، وإنخل، في ريف درعا الشمالي، في 24 من الشهر نفسه، حملة على تجار المخدرات وعصابات الخطف في الأراضي الزراعية في مناطق: الدلي، وبرقة شمالي درعا.

واسفرت الحملة حينها عن اعتقال عدد من المشتبه بهم، بحسب ما قاله ثلاثة قادة في فصائل محلية بريف درعا الغربي لعنب بلدي.

الكاتب في الشأن السياسي السوري عاصم الزعبي، وهو من أبناء محافظة درعا، قلل خلال حديثه لعنب بلدي من أهمية المبادرات الهادفة لمحاربة المخدرات، إذ اعتبرها “أبر تخدير” يستفيد منها النظام، ويستخدمها من ضمن الخطوات التي تعهد بها أمام المبادرة العربية.

وقال الزعبي لعنب بلدي، إن هذه المجموعات عاجزة عن محاربة المخدرات كون قدرتها وتسليحها محدودان، إضافة إلى أن المهمة تتطلب تفكيك مركز مجموعات التهريب سواء القادمة من لبنان أو من إيران، فهي شبكات “معقدة” تحتاج لجهد دولي.

وأضاف أن هذه المجموعات مرتبطة بشكل وثيق بأجهزة النظام الأمنية، ومن خلفها إيران وميليشيا “حزب الله” اللبناني.

مجموعة تتبع لقوات النظام في مدينة نوى بريف درعا الشمالي- 3 من تشرين الأول 2021 (سبوتنيك)

مجموعة تتبع لقوات النظام في مدينة نوى بريف درعا الشمالي- 3 من تشرين الأول 2021 (سبوتنيك)

محاولات خجولة في السويداء

لم تنحصر عمليات محافظة المخدرات على صعيد الجنوب السوري في محافظة درعا وحدها، إذ شهدت محافظة السويداء المجاورة مبادرات لملاحقة تجار ومهربي المهدرات بالمنطقة.

وفي 16 من تشرين الثاني 2023، داهمت مجموعة تابعة لـ”حركة رجال الكرامة” (كبرى فصائل السويداء)، أوكارًا لتجار مهربي مخدرات وألقت القبض على بعضهم.

المتحدث الاعلامي باسم “رجال الكرامة” الملقب بـ”أبو تيمور” قال لعنب بلدي، إن “الحركة” داهمت حينها وكرًا لتجارة المخدرات، وألقت القبض على عصام الوقية، وهو من المهربين، فيما تستمر ملاحقة باقي أفراد العصابة.

وأضاف أن لا دليل على علاقة عصام الوقية بمليشيات النظام، لكنها هي مصدر رئيس للمواد المخدرة في المنطقة.

وحول التعامل مع المحتجز عصام وقية قال، إن “الحركة” سلمته لعشيرته التي بدورها ستسلمه لشعبة مكافحة المخدرات التابعة للنظام السوري بمحافظة السويداء.

الناشطة المعارضة للنظام في السويداء لبنى عبد الباسط، قالت لعنب بلدي، إن تحركات “رجال الكرامة” فيما يتعلق بمكافحة المخدرات، تأتي في إطار وضع حد للفلتان الأمني الذي سببه ويغذيه النظام السوري عبر دعمه لمجموعات تتبع لـ”الأمن العسكري”، وتعمل في تجارة وتهريب المخدرات.

وأضافت أن مجموعة راجي فلحوط خير دليل على هذه الفرضية، وأن أبناء المنطقة ينظرون إلى النظام السوري على أنه الداعم لتجارة المخدرات، وهو من حول الجنوب السوري إلى مركز دولي لتهريب المخدرات نحو دول الجوار.

الناشطة اعتبرت أن خطوة “رجال الكرامة” بمداهمة أماكن وجود عصابات الخطف وتجار المخدرات هي نتاج الحراك الشعبي الذي تشهده المحافظة منذ آب 2023، الذي يعتبر ضبط الأمن أحد أولوياته.

وكانت الفصائل المحلية ومقاتلون محليون من السويداء أنهوا وجود مجموعة “قوات الفجر” في المحافظة، بعد معارك استمرت لساعات، إلا أن زعيم المجموعة راجي فلحوط، التابع لقوات الـ”الأمن العسكري”، تمكن من الهرب، ولا يزال مختفيًا حتى اليوم.

المحلل السياسي الأردني، صلاح ملكاوي، قال لعنب بلدي، إن الجهود المحلية في درعا والسويداء نابعة من خوف هذه الفصائل من زيادة الإدمان في المجتمع، والذي وصل لنسبة تفوق 50% من البالغين، من مدمني المواد المخدرة مثل “الكريستال” و”الشبو” و”الحشيش” و”الكبتاغون”.

وأضاف أن البطالة وقلة المردود المالي، وخاصة لدى فئة الشباب، يدفعهم للبحث عن مصدر للعيش، فهم يعملون في ترويج أو حتى تحميل ونقل هذه المواد عبر الحدود.

ويرى المحلل الأردني أن بلاده “تعيش حالة حرب حقيقية”، وخاصة في فصل الشتاء حيث يكثر انتشار الضباب.

مقاتل من حركة رجال الكرامة بمحافظة السويداء جنوبي سوريا- 11 من آب 2022 (رجال الكرامة/ فيس بوك)

مقاتل من حركة رجال الكرامة بمحافظة السويداء جنوبي سوريا- 11 من آب 2022 (رجال الكرامة/ فيس بوك)

دور “رجال الكرامة”

يرى الناشط، بشار طرابية، وهو من منسقي الحراك في السويداء، أن ضبط الأمن في المحافظة، وملاحقة تجار المخدرات، هو من صميم عمل “حركة رجال الكرامة”، لكنها لا تستطيع ضبط الواقع الأمني لوحدها في السويداء، إنما تحتاج لمساعدة بقية الفصائل المحلية في المحافظة.

وأضاف أن النظام يدعم مجموعات وفصائل محلية، تنشط بتهريب وتجارة المخدرات وعمليات الخطف في السويداء.

فهد البلعوس، نجل مؤسس “حركة رجال الكرامة” الشيخ وحيد البلعوس، رأى أن الفصائل المحلية لديها القدرة على محاربة المخدرات لكنها تحاول “حقن الدماء” في هذه الفترة الحرجة، خاصة إن النظام يستخدم أدوات قريبة من المجتمع لإحداث “فتنة” في السويداء، بحسب تعبيره.

ويرى البلعوس أن النظام يسعى لضرب البيئة الشعبية المعارضة له من خلال نشر المخدرات في المحافظة.

واعتبر البلعوس، في معرض حديثه، أن النظام وضع يده على “حركة رجال الكرامة” بعد مقتل والده بتفجير يتهم النظام بتنفيذه عام 2015.

أُسّست حركة “رجال الكرامة” عام 2013، وخرجت من رحم التوترات الأمنية التي عاشتها المنطقة حينذاك، وملاحقة النظام للمطلوبين للخدمة الإلزامية في المحافظة الذين وصلت أعدادهم إلى عشرات الآلاف، وأمّن الشيخ وحيد البلعوس قائد “الحركة” ومؤسسها حماية هؤلاء المطلوبين.

وبعد اغتيال وحيد البلعوس، في أيلول 2015، عيّنت الحركة شقيقه رأفت البلعوس، الذي أصيب في تفجير اغتيال شقيقه أيضًا، قائدًا جديدًا للحركة.

وألقى كلمة اتهم فيها الاستخبارات باغتيال شقيقه، مؤكدًا أن الحركة ستستمر على نفس النهج مع حفاظها على “وحدة سوريا وانتمائها إليها، وتحريم التعدي على السويداء، وتحريم التعدي منها على الآخرين”.

وأشار رأفت البلعوس إلى أنه والحركة “عروبيون وطنيون”، مؤكدًا أن دم أخيه “أمانة في عنقه”، بحسب تعبيره، ومتعهدًا باستمرار الحركة بحماية أهالي السويداء.

وفي شباط 2017، عيّنت “رجال الكرامة” يحيى الحجار قائدًا جديدًا بدلًا عن الشيخ رأفت البلعوس، بسبب حالة الأخير الصحية “السيئة”، ومنذ ذلك الوقت غابت مواقف الحركة التي لطالما عارضت سياسة النظام بالمحافظة.

الردّ الأردني

في 19 من كانون الأول 2023، قصف طائرات يرجح أنها أردنية مواقع في الجنوب السوري، بعد اشتباكات وقعت على الحدود بين الأدن وسوريا خلال محاولة تهريب أسلحة ومخدرات، قتل فيها جندي أردني.

وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا، أن الموقع المستهدف كان بئرًا لمياه الشرب رممه السكان على نفقتهم وزوده بالطاقة الشمسية.

محمد الكفري من سكان البلدة قال لعنب بلدي، إن الأردن وقعت في خطأ استخباراتي أدى لخسارة البلدة مصدر من مصادر مياه الشرب.

وأضاف أن سكان البلدة لا يمانعون محاربة وقصف تجار المخدرات ولكن يجب توخي الحذر في استهداف ممتلكات عامة.

ونقلت وكالة “رويترز” حينها عن مصادر مخابرات إقليمية (لم تسمِّها)، أن الأردن شن عدة غارات جوية، على جارته الشمالية سوريا ضد “مخابئ” لمهربي المخدرات المدعومين من إيران ردًا على عملية تهريب “واسعة النطاق”.

وأكد مصدران من المخابرات الإقليمية، ومصدر دبلوماسي غربي يتابع الوضع في الجنوب السوري، أن الطائرات الحربية الأردنية ضربت أهدافًا مرتبطة بالمخدرات في غارات نادرة داخل سوريا، بحسب “رويترز”.

وأضاف المصدران أن الطائرات قصفت منزلًا يشتبه بأنه لتاجر مخدرات بارز في بلدة صلخد بمحافظة السويداء، بينما أصابت ضربات أخرى “مخابئ” في محافظة درعا.

موقع “السويداء 24” المحلي قال حينها، إن أربعة أشخاص على الأقل، بينهم طفلان وامرأة، قتلوا جراء غارة جوية استهدفت مزرعة قرب بلدة ذيبين جنوبي السويداء، على مقربة من الحدود السورية- الأردنية.

ونقل الموقع عن مصادر محلية، أن المزرعة المستهدفة يقيم فيها “أبو جمعة الحمادة” مع عائلته، وهو من عشائر قرية الأصفر، ويعمل في رعاية المواشي، مشيرًا إلى أن المزرعة دُمرت فوق رؤوس من فيها، وسقط أفراد العائلة بين قتيل وجريح.

وفي قرية أم شامة جنوب شرقي السويداء، استهدفت إحدى الغارات الجوية منزل شاكر الشويعر، وهو من الضالعين في تجارة المخدرات، لكن الاستهداف خلّف أضرارًا مادية دون خسائر بشرية، بحسب “السويداء 24”.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة