“أعراس آمنة”.. الماضي الفلسطيني مستمر

"أعراس آمنة".. الماضي الفلسطيني مستمر
tag icon ع ع ع

“خطر لي أن أقوم بكتابة تحقيق صحفي عنوانه (من يستطيع النوم؟) ولكنني لم أفعل، فقد كان يكفي أن أقوم بكتابة هواجسي الليلية، يومًا بعد يوم، لأدرك ما الذي يحدث في غزة”.

لا تتأخر غزة عن الظهور في رواية “أعراس آمنة” للكاتب إبراهيم نصر الله، فتبرز في الجمل الأولى من أولى صفحات الرواية، لتصدّر نفسها مسرحًا للأحداث، وتقدم صورة عن المعاناة التي تتبناها الرواية.

بالنظر إلى آلية السرد، يقدّم الكاتب أبطاله في النص على نفسه، فتروي الحدث رندة، وهي شابة فقدت أختها في الحرب، وتتشارك الحوار مع آمنة، وهي سيدة فقدت ابنها، لكنها تصر في الوقت نفسه على طلب يد أخت رندة (الشهيدة) لابنها (الشهيد أيضًا)، وعلى ضوء مفارقات من هذا النوع تسير الرواية التي تعتبر واحدة من سبع روايات منفصلة تشكل سلسلة “الملهاة الفلسطينية” للكاتب نصر الله، وبدأ العمل عليها منذ عام 1985.

تختلط في النص اللهجة العامية باللغة الفصحى، لكن دون طغيان إحداهما على حضور الأخرى، ودون خلق مفارقات في المستوى اللغوي للنص، فالأبطال ليسوا بعيدين عن الكاتب أو العكس، ما أتاح تمرير كثير من الحكم أو الأقوال التي ستتصدر الرواية وربما تصدرها للقارئ، وجاءت على لسان أبطال النص، آمنة ورندة.

“من السيئ أن تمتلك رأسًا صغيرًا في وطن ليس فيه سوى الهراوات الكبيرة وفوهات البنادق المتطلعة إليك”.

ورغم مضي نحو 20 عامًا على صدور الرواية، تعبر عن واقع آخذ بالفداحة أكثر، فالماضي الفلسطيني مستمر، والحزن والأمل، والرغبة بالمقاومة، وفلسفة الألم، وحالة الندّية، والتمسك بالموروث الثقافي والفكري، كلها اجتمعت في “أعراس آمنة” التي تحمل في عنوانها أكثر من معنى أو دلالة، كما أن الرواية تنتمي للأعمال القصيرة نسبيًا، فتنتهي بـ139 صفحة.

الكاتب إبراهيم نصر الله من مواليد الأردن لأبوين فلسطينيين، اقتُلعا من أرضهما عام 1948، وقضى إبراهيم نصر الله طفولته في مخيم “الوحدات” للاجئين الفلسطينيين بالأردن، ودرس في مدارس “وكالة غوث اللاجئين”، ثم انتقل إلى السعودية ليعمل في سلك التدريس قبل أن يتجه للصحافة.

وبعد تفرغه للعمل الأدبي عام 2006، قدّم نصر الله نتاجًا أدبيًا غزيرًا تجلى بوضوح في 14 ديوانًا من الشعر و14 رواية شكّلت “الملهاة الفلسطينية” سبع روايات منها، وهي مشروع روائي يتناول حقبة من تاريخ فلسطين تمتد نحو 250 عامًا، مستعينًا بشهادات حية ودراسات وأبحاث تخدم مواضيع السلسلة الأدبية.

وفي “أعراس آمنة”، يقول إبراهيم نصر الله، “الذي يجبرنا على أن نزغرد في جنازات شهدائنا هو ذلك الذي قتلهم، نزغرد حتى لا نجعله يحس لحظة أنه هزمنا، وإن عشنا سأذكرك أننا سنبكي كثيرًا بعد أن نتحرر”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة