يقوي المناعة ويقلل الإصابة بعديد من الأمراض.. ما فوائد الكركمين

ما فوائد الكركمين
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

من المعروف أن الكركم (Turmeric) واحد من أشهر التوابل المستخدمة في تحضير الطعام، وخاصة في المأكولات الآسيوية، ويدخل في الكاري والخردل وبعض أنواع الجبن والزبدة وغيرها من الأطعمة، وهو يتمتع بمذاق لذيذ وقيمة غذائية عالية، وقد استخدم لآلاف السنين في الطب الهندي القديم لما له من فوائد علاجية.

ويكون الكركم على شكل مسحوق (بودرة) أصفر برتقالي يستخرج من نبات الكركم (Curcuma Longa)، وهو نبات طويل القامة من عائلة الزنجبيل موطنه الأصلي آسيا، حيث يتم جمع جذور نباتات كركم لونجا التي هي الجذع الرئيس للنبات، وبمجرد أن تجف الجذور يتم طحنها إلى مسحوق يسمى الكركم.

وتعزى أنشطة الكركم وما يستطيع تحقيقه من فوائد صحية إلى الكركمينويدات (الكركمين والمواد ذات الصلة الوثيقة)، وهناك الآلاف من المنشورات والمئات من براءات الاختراع القائمة على بيان دور الكركمين في الوقاية ومعالجة كثير من الأمراض، وقد وصلت الأمور إلى تصويره كمعجزة طبية نتيجة المبالغات الكبيرة في وسائل الإعلام حول نتائج الأبحاث التي تتحدث عن فوائد الكركمين لأسباب تجارية ومادية، والحقيقة أن للكركمين فوائد طبية كثيرة لا يمكن إنكارها، كما أن له بعض الأضرار أحيانًا.

ما الكركمين

الكركمين (Curcumin) هو مادة كيماوية مميزة ذات لون أصفر مائل للبرتقالي تُستخلَص من جذور نبات الكركم كما ذكرنا، وهو المكون الأساسي لمسحوق الكركم إذ يشكل 2-8% (وسطيًا 3%) من مكوناته، وهو الذي يعطيه لونه الأصفر، وأحيانًا يستخدم اسم الكركمين كاسم آخر بديل للكركم.

عُرفت البنية الكيماوية لهذا المركب لأول مرة عام 1910، وقد تبين أنه يتمتع بخواص طبيعية مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب، ما يعطيه فوائد علاجية ووقائية متعددة، وإليه تعزى الفوائد الصحية للكركم.

يمكن الحصول على فوائد الكركمين من المصدر الطبيعي عن طريق إضافة الكركم إلى الطعام في أثناء الطهو أو احتسائه كمشروب ساخن، لكن يتوفر الكركمين في الصيدليات على شكل كبسولات مكملة ذات فائدة أكبر مقارنة بالفائدة المأخوذة من تناول الكركم الطبيعي، كذلك يُدمج الكركمين في بعض منتجات التجميل للحصول على فوائده على صحة الجلد.

ولا توجد جرعة ثابتة للكركمين، لكن أثبتت التجارب أن جرعة 1000 ملغ في اليوم آمنة وكافية للحصول على فوائده للجسم، وهو ما يعادل نحو 10 غرامات تقريبًا من الكركم، وهذا يعني أن الجرعة المطلوبة لإحداث تأثير علاجي تتخطى الحاجز المسموح به من المادة (8 غرامات في اليوم)، ولذلك ينصح بتناول المكملات للحصول على الفوائد المرجوة.

ما فوائد الكركمين للصحة

نظرًا إلى كون الكركمين مضادًا للأكسدة، فهو يثبط نشاط الجذور الحرة التي تهدد خلايا الجسم بخطر الالتهاب والتلف، كما أنه يقوي الجهاز المناعي ويلعب دورًا كبيرًا في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المعدية والمزمنة بشكل عام، وأبرز فوائده:

خصائص مقاومة لالتهابات المفاصل: حيث يساعد على مكافحة الالتهابات وتخفيف الأعراض المصاحبة لالتهابات المفاصل، مثل الألم والتورم، وخاصة عند مرضى الفصال العظمي والتهاب المفاصل الرثياني.

خصائص مقاومة للسرطان: يمتلك الكركمين قدرة على تثبيط نمو الخلايا السرطانية، وقد يساعد على تحفيز موت الخلايا السرطانية دون إلحاق أي ضرر بالخلايا السليمة المحيطة بها.

وأظهرت بعض الدراسات أن له قدرة محتملة على التقليل من إمكانية الإصابة بالأنواع الآتية من مرض السرطان: سرطان المعدة، سرطان الجلد، سرطان الثدي، سرطان الأمعاء.

تحسين صحة جهاز الدوران: وذلك من خلال:

  • الحماية من الخثرات الدموية، إذ قد يسهم الكركمين في منع التصاق الصفائح الدموية ببعضها، وهو أمر قد يسبب حصوله تكون الخثرات.ا
  • لحفاظ على صحة القلب، من خلال تقليل الكوليسترول السيئ وزيادة الكوليسترول الجيد، وتنشيط الدورة الدموية، وضبط ضغط الدم، والحفاظ على مرونة الأوعية الدموية وحماية البطانة الداخلية لها من الالتهابات.

تحسين الصحة العصبية والنفسية: للكركمين فوائد عديدة محتملة للجهاز العصبي وللصحة النفسية أهمها:

  • علاج الاكتئاب: يساعد على تحسين المزاج عن طريق تعزيز مستويات عامل التغذية العصبية المشتقة من الدماغ، الذي يرمز له بـ”BDNF”، وله قدرة على تعزيز الناقلات العصبية في الدماغ مثل السيروتونين والدوبامين.
  • الوقاية من ألزهايمر: يساعد على تعزيز وظائف المخ ويقلل من خطر الإصابة بأمراض الضمور البقعي المرتبطة بالتقدم في العمر، مثل ألزهايمر والخرف، كما أن الكركمين قد يسهم في إزالة لويحات الأميلويد المسببة للإصابة بألزهايمر.

ضبط السكر بالدم: عن طريق تعزيز استجابة الخلايا لهرمون الإنسولين وتقليل مقاومة الإنسولين، وبذلك فهو يسهم في الوقاية من السكري من النوع الثاني.

علاج المتلازمة الاستقلابية (Metabolic Syndrome): تشتمل هذه المتلازمة على مقاومة الإنسولين، وارتفاع مستويات السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم، وانخفاض مستويات الكوليسترول النافع، وارتفاع الضار منها، كما ترتفع نسب الدهون الثلاثية، وهي ترتبط بشكل وثيق بالسمنة، وقد وجد أن من فوائد الكركمين للجسم أنه يساعد في التقليل من الدهون الضارة ورفع نسب الدهون النافعة، والمساعدة في تقليل الوزن، بالإضافة إلى تحسين مقاومة الإنسولين، وخفض مستويات ضغط الدم.

فقدان الوزن: وتتمثل فوائده بهذا المجال في:

  • إزالة السموم من الكبد، وذلك يمكن الكبد من القيام بمهامه المتمثلة بحرق الدهون، إذ إن مادة الكركمين تلعب دورًا مهمًا في حرق الدهون.
  • تنظيم مستويات السكر ومنع ارتفاع الإنسولين المفاجئ، بالتالي منع تخزين الدهون الزائدة في الجسم.
  • تحسين عملية الهضم وتحفيز عملية التمثيل الغذائي، وهذا أمر مهم لخسارة الوزن الزائد.
  • التقليل من الشهية والشعور بالشبع، إذ إنه يثبط الهرمون المسؤول عن الشهية، وبالتالي يساعد على التخفيف من تناول الطعام.

تعزيز صحة الجهاز الهضمي: للكركمين فوائد عديدة على الجهاز الهضمي منها:

  • المساعدة على تحسين حركة الأمعاء وتسهيل عملية الهضم وتقليل فرص الإصابة بالاضطرابات الهضمية، مثل الإمساك والانتفاخ.
  • المساعدة على شفاء مرض التهاب القولون القرحي.
  • تخفيف حدة التهاب البواسير.

تعزيز صحة الجلد والبشرة: للكركمين فوائد عديدة للجلد منها:

  • يسهم بعلاج بعض الأمراض الجلدية مثل حب الشباب والصدفية والإكزيما، لاحتوائه على خصائص مضادة للبكتيريا والفطريات.
  • تسهم خصائصه المضادة للأكسدة في الحفاظ على صحة البشرة وتأخير ظهور علامات الشيخوخة، مثل تجاعيد الوجه والترهلات الجلدية والتصبغات.
  • ويسهم أيضًا في تسريع عملية تعافي الجروح.

فوائد أخرى عديدة، منها:

  • تخفيف آلام العضلات للرياضيين، وبعد ممارسة التمارين الرياضية عالية الشدة.
  • تخفيف أعراض حمى القش (التهاب الأنف التحسسي) مثل العطس، والحكة، وسيلان الأنف، والاحتقان.
  • الحفاظ على صحة العيون وتحسين الحالة الصحية للمصابين ببعض أمراض العيون.
  • الوقاية من مرض التليف الكيسي، وتحسين صحة الكلى المتضررة في بعض الحالات.

هل يمكن أن يسبب الكركمين أضرارًا على الصحة

بشكل عام يعد الكركمين آمنًا ومفيدًا، ولكن عند تناوله بجرعات مرتفعة، أي أعلى من 1000 ملغ في اليوم، قد يتسبب ببعض الأضرار البسيطة نذكر منها:

  • الصداع.
  • تقلصات المعدة. الغثيان.
  • الإسهال.
  • الحكة.
  • الطفح الجلدي.
  • اصفرار البراز.
  • ارتفاع بعض إنزيمات الكبد.

كذلك يمكن أن يؤدي الإفراط بتناول الكركم إلى أضرار إضافية مثل:

  • زيادة خطر الإصابة بحصوات الكلى، وذلك لاحتوائه على مادة الأوكزالات التي ترتبط بالكالسيوم مسببة بذلك تكون الحصى.
  • قد يسبب الاستهلاك المفرط للكركم نقص الحديد، إذ يمنع الاستهلاك المفرط منه امتصاص الحديد في الجسم.

لماذا ينصح بتناول الكركمين مع الفلفل الأسود

اتضح أن الكركمين يتمتع بتوافر حيوي سيئ للغاية، ويُقصد بالتوافر الحيوي المعدل الذي يمتص به الجسم مادة ما، ما يجعل من المستحيل تقريبًا الحصول على تركيزات عالية كافية من الكركمين في الدم من خلال تناول المكملات الغذائية عن طريق الفم.

ولكن تبين أن وجود الدهون أو الزيوت يساعد الجسم على الامتصاص، لذا فإنه في بعض الأحيان يتم دمج الكركمين في شكل مكمل مع الأحماض الدهنية الأساسية، مثل السمك أو زيت الكريل.

ولكن أظهرت بعض الأبحاث أن الجمع بين الكركمين والبيبيرين، وهو العنصر النشط الرئيس في الفلفل الأسود، في مركب واحد، يمكن أن يزيد من التوافر البيولوجي للكركمين بأضعاف، لأنه يمنع الكركمين من التكسير في أثناء عملية الهضم، لذلك يفضل تناول الكركمين مع الفلفل الأسود للحصول على الفوائد الصحية للكركمين.

ورغم أن هناك الآن مجموعة كاملة من المكملات الغذائية الجاهزة للاستخدام التي تجمع بين الكركمين والبيبيرين، لا تزال هناك تحديات أمام إثبات سلامة هذه المكملات، أحدها هو أن البيبيرين يثبط مجموعة متنوعة من الإنزيمات التي تساعد في استقلاب الأدوية، وهو ما يجعل استخدام هذه المكملات بحاجة إلى مزيد من الأبحاث لاستكشاف مدى زيادة خطر الآثار الجانبية لدى المرضى الذين يتناولون أدوية طبية أخرى.

بالنهاية، لا بد أن نؤكد أن الكركمين لا يعد علاجًا بديلًا لأي أدوية أو علاجات أوصى بها الطبيب لحالة مرضية معينة، إنما من الممكن الاستفادة منه جنبًا إلى جنب مع الأدوية الأخرى الموصوفة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة