نحو 570 ألفًا مسجلون كلاجئين

قطع المساعدات عن “أونروا” يشمل فلسطينيي سوريا

المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني (منتصف الصورة) في زيارة لمناطق اللاجئين الفلسطينيين في سوريا 2022 (الأونروا)

camera iconالمفوض العام للأونروا فيليب لازاريني (منتصف الصورة) في زيارة لمناطق اللاجئين الفلسطينيين في سوريا 2022 (الأونروا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – يامن المغربي

احتلت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) عناوين الأخبار بعد إعلان عدد من الدول المانحة قطع المساعدات المالية السنوية للمنظمة، عقب اتهامات إسرائيلية لموظفيها بالتعاون مع “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) في قطاع غزة.

وسط الصراع الدامي في القطاع، الذي أدى، وفق مكتب وزارة الصحة الفلسطينية، إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص، وجدت المنظمة الأممية نفسها تحت دائرة الضوء، وتحولت إلى ورقة تفاوضية بين الدول المنخرطة بالصراع.

وبينما يفترض بالمنظمة أن تبتعد عن الصراعات الداخلية والسياسة عمومًا، لكونها معنية بتقديم المساعدات الإغاثية ضمن عدة قطاعات للاجئين الفلسطينيين في سوريا، شاب دورها في سوريا تدخل النظام بعملها أو تحكمه بعملية توزيع المساعدات الإغاثية.

ما “أونروا”؟

أُسست “أونروا” في عام 1949 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتقديم المساعدة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين المسجلين في مناطق عملياتها، حتى يتم التوصل إلى حل دائم لقضيتهم.

يعمل المكتب في سوريا والأردن ولبنان، بالإضافة إلى مناطق داخل فلسطين المحتلة، وتحديدًا في الضفة الغربية، وتشمل القدس الشرقية وقطاع غزة.

أثر انقطاع التمويل على فلسطينيي سوريا

أعلنت “أونروا”، في 1 من شباط الحالي، أن 16 دولة مانحة قررت وقف الدعم المالي لها، الذي يصل إلى 440 مليون دولار أمريكي.

هذا القرار الذي اتخذته الدول المانحة لا ينعكس فقط على الفلسطينيين في قطاع غزة، بل كذلك يشمل الموظفين والفلسطينيين في الدول التي تنشط بها “أونروا”، وبالتالي فإن الآثار السلبية ستطول اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، الذين يعانون أصلًا كالسوريين في مناطق سيطرة النظام السوري، من الأزمتين المعيشية والاقتصادية الحالية.

وتوزع “أونروا” مبالغ طارئة للفلسطينيين المقيمين في سوريا، تغطي ثلاثة أشهر لفئتين من المستفيدين، وتمنح كل فرد من الأسرة للحالات العادية ما يعادل 20 دولارًا للشخص الواحد، في حين يُمنح مبلغ 27 دولارًا لكل فرد في الأسرة للعائلات الأكثر عوزًا وفقرًا.

وأعلنت في وقت سابق تسع دول (أستراليا وكندا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا وهولندا وسويسرا وفنلندا) إيقاف التمويل لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بعد مزاعم إسرائيلية بتورط الوكالة في هجمات 7 من تشرين الأول 2023.

كما قررت فرنسا تعليق مساعداتها لـ”أونروا” في الربع الأول من عام 2024، وفق بيان لوزارة الخارجية.

وحث مسؤولون بالأمم المتحدة الدول على إعادة النظر في وقف تمويل “أونروا”، في 28 من كانون الثاني الماضي، وتعهدوا بمعاقبة أي موظف يثبت تورطه في هجوم “حماس” على إسرائيل، وحذروا من وقف المساعدات لمليوني شخص في غزة كانوا على المحك.

وعن التأثير المتوقع لقرار الدول المانحة، قال المدير التنفيذي لـ”مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، فايز أبو عيد، لعنب بلدي، إن معدلات الفقر بصفوف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وتعاظمت أزماتهم الاقتصادية جراء عدم قدرتهم على تأمين أبسط مقومات الحياة، وفقدانهم لمصادر رزقهم، وانخفاض معدلات الدخل، وارتفاع معدلات الإنفاق على الغذاء، بسبب استنزاف قيمة الليرة السورية وقدرتها الشرائية، وارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى حدودها القصوى.

وبالتالي ستؤثر هذه القرارات على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بشكل مباشر.

لا رد من “أونروا” في دمشق

عنب بلدي تواصلت مع مديرة مكتب الإعلام في سوريا، التابع لـ”أونروا” في دمشق، هالة مخلص، برسالة على البريد الإلكتروني الرسمي المنشور عبر موقعها.

وتساءلت عنب بلدي في رسالتها حول المخاطر التي تهدد عمل المنظمة في دمشق بعد انقطاع المساعدات، كما أوضحت الاتهامات الموجهة لها والواردة في هذا التقرير، ولم تتلق ردًا حتى لحظة تحريره.

وتلتزم عنب بلدي بنشر أي رد يصلها من قبل “أونروا” في دمشق، عملًا بمبدأ “حق الرد”.

سلاح بيد النظام السوري

العلاقة بين “أونروا” والنظام السوري يمكن وصفها بالمتشابكة، وهناك تدخل واسع من قبل الأخير بعمل المنظمة الأممية، ضمن مجالي توزيع المساعدات وتعيين الموظفين ضمن مكتب المنظمة في دمشق.

وفي 19 من تشرين الثاني 2023، قرر النظام السوري فصل عدد من موظفي الوكالة “لأسباب أمنية” وأجبرها على ذلك.

المدير التنفيذي لـ”مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”، فايز أبو عيد، قال لعنب بلدي، إن “أونروا” في سوريا تعاني تدخل الأجهزة الأمنية بعملها، بما في ذلك التوظيف، إذ يرتبط الأمر بحصول الموظف على موافقة أمنية بعد حصوله على تزكية من قبل حزب “البعث”.

وأضاف أن هذا الأمر أسهم إلى حد كبير بانتشار المحسوبية وزيادة الفساد، وتعيين الموظفين على أساس حزبي لا على أساس الكفاءات.

ومن أبرز الاتهامات الموجهة للنظام، إقصاء اللاجئين الفلسطينيين من التوظيف في مؤسسات “أونروا”، إذ بات 80% منهم سوريين، حتى في المسابقات المعلن عنها مؤخرًا، كان عدد المتقدمين السوريين يعادل أربعة أضعاف الفلسطينيين، إذ إن الأجهزة الأمنية تتدخل بشكل كبير بتعيين الموظفين في تلك المؤسسات، كما تتدخل في بعض الأحيان بعملية توزيع المساعدات الإغاثية، وفق أبو عيد.

وبحسب تقرير صدر في آذار 2023، عن صحيفة “فاينانشال تايمز”، فإن الأمم المتحدة وظفت ابنة رئيس المخابرات السياسية في سوريا، حسام لوقا، المعاقَب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، لارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان، لدى أحد مكاتبها في دمشق.

حال الفلسطينيين في سوريا

أسهم النظام السوري خلال السنوات الماضية بتهجير الفلسطينيين من سوريا، سواء لمناطق داخل سوريا أو إلى دول اللجوء ودول جوار سوريا.

وتعيش نحو 1635 عائلة فلسطينية، تتوزع على مخيم “كللي” شمالي إدلب ومنطقة أطمة وعقربات ودير بلوط ومدينة إدلب، كما يوجد في سرمدا فلسطينيون من عرب الـ48 الذي قدموا إليها بعد تهجيرهم في عام 1948، إضافة إلى وجودهم بريف حلب في كل من اعزاز وعفرين وجنديرس والباب.

وهجّرت قوات النظام وحلفاؤها معظمهم من مخيم “حندرات” بحلب ومن مخيم “اليرموك” و”خان الشيح” جنوب دمشق إلى الشمال السوري، ويقطنون في تجمعات سكنية خاصة بالمهجرين الفلسطينيين، وجزء منهم يسكن داخل المدن.

وشهد مخيم “اليرموك” معارك وعمليات عسكرية بين فصائل “الجيش الحر” وقوات النظام، وسط انقسام الفصائل الفلسطينية حينها على طرفي الجبهة، قبل سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على ثلثي المخيم عام 2015.

وفي أيار 2018، سيطرت قوات النظام على منطقة الحجر الأسود، والمخيم، وتسببت الاشتباكات بدمار ما يزيد على 60% من الأبنية والبنى التحتية في المخيم، وصُنّف كسابع أكبر منطقة دمارًا في سوريا، وفق مسح أجرته وكالة الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR).

ووفق “أونروا”، هناك في سوريا 568 ألفًا و730 لاجئًا مسجلًا، وهم كحال السوريين، لم ينجوا من الاعتقالات والتعذيب أو القتل خلال السنوات الماضية.

وبحسب “مجموعة العمل لأجل فلسطينيي سوريا“، هناك 3076 معتقلًا في سجون النظام السوري، بالإضافة إلى 333 مفقودًا، ووصل عدد الضحايا الفلسطينيين إلى 4214 شخصًا.

فيما يبلغ عدد المعتقلين السوريين لدى النظام السوري 135 ألفًا و638 شخصًا، من أصل 155 ألفًا و604 معتقلين لدى مختلف أطراف الصراع، وفق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“.

ويستخدم النظام السوري سياسة التضييق الخانق على اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سوريا، خاصة بعد البدء بوقفات تضامنية مع غزة تنديدًا بالتصعيد الإسرائيلي المتواصل منذ 7 من تشرين الأول 2023.

سبق واعتقل عناصر “فرع فلسطين” التابع لشعبة “الأمن العسكري”، في 6 من تشرين الثاني 2023، ثلاثة ناشطين فلسطينيين في بلدة يلدا بريف دمشق، على خلفية تنظيم وقفة تضامنية مع غزة، وفق ما ذكرته “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة