دمشق أو شرق الفرات.. رحلة نزوح من دير الزور بسبب التصعيد

مدنيون في معبر الجنينة النهري غربي دير الزور- 15 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

camera iconمدنيون في معبر الجنينة النهري غربي دير الزور- 15 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

في محافظة دير الزور شرقي سوريا، وبالتحديد في مدينتي الميادين والبوكمال شرقي المحافظة، يفر المدنيون من المنطقة التي تعرف بأنها معقل لميليشيات مدعومة من إيران وتستهدفها الطائرات الأمريكية بين الحين والآخر.

رغبة الناس بالابتعاد عن المناطق التي تنتشر فيها المقار العسكرية لهذه الميليشيات، زادت بعد سلسلة من الغارات شنها التحالف الدولي على مواقع المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور الشرقي اسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وأضرار مادية، مطلع شباط الحالي.

ومع الغارات الأمريكية التي طالت المنطقة، والقصف المدفعي المتبادل بشكل متقطع بين هذه الميليشيات و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة أمريكيًا شرقي دير الزور، بدأت المنطقة تشهد حركة نزوح نحو مناطق أقل توترًا.

النزوح شرقًا وغربًا

بالنسبة لمصطفى، وهو من سكان مدينة الميادين شرقي دير الزور، كانت ليلة القصف الأمريكي على المنطقة، أشبه بكارثة، اذ لم تتوقف الطائرات الحربية عن القصف لأكثر من نصف ساعة.

وسبب دوي الانفجارات حالة رعب للأطفال بشكل أكبر.

ابنة مصطفى عمرها سبعة أعوام، فقدت سمعها خلال تلك الليلة، بحسب ما قاله لعنب بلدي، إذ تقيم العائلة في حي التمو بمدينة الميادين، الذي وقع فيه استهداف لمنازل تتخذها ميليشيات إيرانية كمقار لها.

لم يكن لدى مصطفى رغبة بالانتظار، إذ بدأ بعد انتهاء الغارات بتجميع أغراضه عازمًا الرحيل عن المدينة، نحو منطقة أكثر أمانًا، وفي مساء اليوم التالي حط مع عائلته في العاصمة دمشق.

دفع محمد أيضًا، وهو من أبناء حي الطيبة بمدينة الميادين، ثلاثة ملايين ليرة سورية، لنقل بعض الأغراض الأساسية خلال نزوحه مع عائلته نحو العاصمة دمشق خوفًا من تكرار القصف على المدينة.

محمد قال لعنب بلدي إن معاناة النزوح جاءت تزامنًا مع برد الشتاء الذي يخيم على العاصمة دمشق، حيث يعتبر تأمين المحروقات أمرًا شاقًا، ليس كما هو عليه في دير الزور، كما تختلف أسعارها بين المحافظتين.

ويتخوف محمد من رحلة بحثه عن منزل للإيجار أيضًا، نظرًا لتفاوت أسعار الإيجارات بين المحافظتين، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

العديد من أقارب محمد فروا من مدينة الميادين نحو دمشق، وآخرون قرروا عبور نهر الفرات نحو مناطق سيطرة “قسد”، والدوافع هي نفسها، تتجلى بمخاوف من تكرار الغارات الأمريكية على المنطقة.

الميليشيات الإيرانية سبب للنزوح

عقبة، من سكان ريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي إن وضع مدينتي الميادين والبوكمال يختلف عن بقية أرجاء المحافظة، بسبب انتشار الميليشيات الإيرانية فيها.

وشكل هذا الانتشار مخاوف من تكرار القصف الأمريكي مستقبلًا، ما قد يترك المدنيين عرضة لصواريخ الطيران، أو الآثار الناتجة عنها.

بالنسبة لعقبة، قرر النزوح من المنطقة والعديد من أقاربه مثله، خصوصًا أن الميليشيات المدعومة من إيران تستولي على منازل يملكها مدنيون في المنطقة، ما يتركهم في شوارع المدن، يبحثون عن منازل للإيجار.

حال سفيان المردود، لا يختلف الوضع كثيرًا، إذ قرر النزح نحو مناطق سيطرة “قسد” باعتبارها أكثر أمنًا بالنسبة لعائلته، خصوصًا بعد القصف الذي شهدته بلدة السيال بريف مدينة البوكمال شرقي دير الزور.

وأضاف أن المليشيات الإيرانية استولت على جزء واسع من الحي الذي يقنطه ونصبت فيه منصات لإطلاق الصواريخ، ونشرت أيضًا آليات عسكرية في أروقة الحي، ما أثر مخاوف السكان.

سفيان وصل مع عائلته قبل أيام إلى بلدة الشعفة شرق نهر الفرات، حيث يقطن أقارب له، ريثما يجد منزلًا يأوي عائلته المكونة من ثماني أفراد.

تضيق على النازحين

تطلب “الادارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قسد”) ممن يأتون من مدينتي البوكمال والميادين الخاضعتين لسيطرة المليشيات الايرانية ما يطلق عليه “بطاقة وافد” وتعتبر هذه البطاقة أشبه بجواز سفر لعبور الحدود.

شمس قالت لعنب بلدي إنها دخلت مناطق سيطرة “قسد” عن طريق معبر “الجنينة” النهري غربي دير الزور، وعند وصولها لنقطة التفتيش، طلب عناصر “قسد” منها مبلغ مالي قدره خمسة آلاف ليرة سورية عن كل شخص من أفراد العائلة إضافة إلى ضرورة استخراج “بطاقة وافد”.

وينطبق استخراج هذه البطاقة على الأشخاص القادمين من مناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات الإيرانية، وينحدرون من تلك المناطق، ويعفى منها من ينحدر من شرق الفرات (مناطق سيطرة “قسد”)، لكن الأخير يدفع خمسة آلاف ليرة كرسوم عبور فقط.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت، في 2 من شباط الحالي، عن نفذ الطيران الحربي الأمريكي غارات جوية على مواقع تابعة للميليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري، في محافظة دير الزور وريفها.

واستهدفت الضربات أكثر من 85 هدفًا تابعًا لـ”الحرس الثوري الإيراني” وميليشيات تابعة له في سوريا والعراق، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية، ردًا على هجمات بطائرات دون طيار استهدفت القوات الأمريكية قرب الحدود السورية- الأردنية مؤخرًا، وأدت إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة