ميشيل سماحة.. صوت أسدي يعود إلى المشهد في لبنان

ميشيل سماحة أحد ابرز المقربين من الأسد في لبنان 7 آذار 2024 (لقطة شاشة)

camera iconميشيل سماحة أحد ابرز المقربين من الأسد في لبنان 7 آذار 2024 (لقطة شاشة)

tag icon ع ع ع

مستحضرًا التاريخ ومتحدثًا عن المستقبل ومبشرًا بما وصفها بالانتصارات، ظهر الوزير اللبناني السابق، ميشيل سماحة، في أول لقاء إعلامي بعد عامين من خروجه من السجن.

سماحة المتهم بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان في 2012، والمستشار الإعلامي السابق لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، عاد مجددًا ليشكل صوتًا قد يحتاجه الأسد في ظل المتغيرات الحالية في المنطقة.

قبل ثماني سنوات، ظهر تسجيل مصور لسماحة يعترف خلاله بالتهم الموجهة إليه، وبعد 12 عامًا وفي 7 من آذار الحالي، عاد سماحة لينفي ويوجه التهم لأعدائه.

وظهر الوزير اللبناني السابق، وأحد أبرز المقربين من النظام السوري في لبنان عبر منصة “بالمباشر” في “يوتيوب”، ليتحدث عن انتصارات “محور المقاومة” والأسد وأهميته، وينفي تهمًا ويوجه أخرى، مبشرًا بمذكرات تنشر وسلسلة حلقات تعرض ليكشف من خلالها الحقائق.

صوت الأسد المسيحي في لبنان

في 1975 اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية، وسرعان ما دخل الأسد الأب بقواته في الحرب، وبدأت تتشكل التحالفات العلنية بينه وبين قوى سياسية وعسكرية لبنانية مختلفة.

وفق سياقات المعارك وظروفها تتغير التحالفات على الأرض، ومن كان مع الأسد في يوم سيكون ضده في التالي، وكذلك كان قرار سماحة، المولود في عام 1948، لأسرة مسيحية لبنانية.

انضم سماحة في عام 1964 لحزب الكتائب، أحد أبرز الأحزاب الفاعلة خلال الحرب، والمتهم بإشعال فتيلها بعد تنفيذ عناصره لعملية “بوسطة عين الرمانة“.

عمل السياسي اللبناني خلال فترة الحرب كنقطة تواصل بين قيادات النظام السوري وحزبه، وهو ما وفّر له اتصالات وعلاقات مع رجال متنفذين، ثم أعلن انسحابه من الحزب، واحتفظ بعلاقات جيدة مع النظام.

لم يتخلى سماحة في ظهوره الإعلامي الأول بعد عامين من الإفراج عنه، عن علاقاته مع النظام ولا بكونه من أقرب المقربين إليه في لبنان، وبعد نفي الاتهامات الموجهة إليه، شكر الأسد والأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصرالله، على وقوفهما إلى جانب عائلته.

اللافت في حديث سماحة كيفية نفي الاتهامات الموجهة إليه، إذ اعتبر أن الغرض مما حصل جاء خلال لعبه لـ”دور مهم في حماية سوريا”، بعد عقده سلسلة لقاءات مع مسؤولين غربيين، كان من شأنها تغيير وجهة النظر الغربية عما يحصل في سوريا.

علاقات النظام السوري تاريخيًا في لبنان، ارتبطت بشكل مباشر ووثيق بالثنائي الشيعي، حركة “أمل” و”حزب الله”، ومتباين وفق الظروف السياسية مع الأطراف المسيحية في البلاد.

وفي الوقت الذي حارب فيه النظام ميشيل عون في 1990، أسهم بإيصاله رئيسًا في 2016، بينما بقيت حالة العداء مع حزبي “القوات” و”الكتائب”.

ويمكن اعتبار سماحة، الذي تولى وزارة الإعلام اللبنانية عدة مرات، كان آخرها في 2004، صوت الأسد وحليفه المسيحي الوحيد تقريبًا.

تبني سردية النظام السوري

منذ انطلاق المظاهرات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام السوري في 2011، تبنى النظام سرديةً واضحة لم يتخلى عنها منذ 13 عامًا.

ارتبطت هذه السردية بـ”مؤامرة كبرى” من دول عربية وأجنبية، لم يكن هدفها إسقاط النظام بل البلاد، وهذه الأقاويل التي كررها الإعلام الحكومي أو المقرب من الأسد على مدى سنوات، ما يزال سماحة مقتنعًا بها حتى اليوم.

استحضر سماحة التاريخ بشكل متكرر خلال لقائه الإعلامي الأول، الذي يعدّ جزءًا أولًا من سلسلة لقاءات ستعرض لاحقًا وفق المنصة، معتبرًا أن المؤامرات بدأت من العراق قبل سوريا.

ودلل على كلامه بخطاب قديم للأسد يعود لعام 2004، بعد عام واحد من الغزو الأمريكي للعراق، اعتبر فيه أن سوريا “في قلب العاصفة”.

تحاشى سماحة خلال اللقاء الذي تجاوزت مدته ساعة كاملة، الحديث عن الميليشيات الإيرانية في سوريا، أو القوات الروسية، وما تسببت به من خسائر بشرية أو الضحايا المدنيين وقصف المستشفيات.

وباستثناء الإشارة لحرب أوكرانيا ومحاولة استهداف وصول روسيا للمياه الدافئة على البحر الأبيض المتوسط، لم يكن هناك حتى إشارة واحدة في حديث سماحة عن تأثير الوجود الروسي على السياسة السورية أو الملف ككل.

الحريري والعودة للبنان.. صفقة دولية بغياب النظام السوري

وخلال التدخل العسكري في سوريا، شنت القوات الجوية الروسية أكثر من 100 ألف طلعة جوية قتالية في سماء سوريا، وفق تصريحات قائد القوات الجوية الروسية الموفدة إلى سوريا، يفغيني نيكيفوروف، على هامش احتفالية للقوات الروسية في قاعدة “حميميم” الجوية بريف اللاذقية، في 12 من آب 2021، بمناسبة الذكرى الـ109 ليوم الطيران القتالي الروسي.

ووفق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، قتلت القوات الروسية 6963 مدنيًا منذ تدخلها في سوريا، فيما قتل على يد قوات النظام 201 ألفًا و234 مدنيًا.

جدد سماحة نفسه في اللقاء كصوت للأسد في لبنان، الذي تغير شكل وجوده في البلاد بعد 2011، وخسارة نفوذه الإقليمي في بيروت، التي كانت تعدّ رئةً يتنفس من خلالها، وحديقةً خلفيةً للنظام.

ولم يحمله أي خطأ خلال سنوات، ولم يأت على ذكر المعتقلين، مكتفيًا بإعادة سرد نظرية المؤامرة ذاتها، بخطاب لا يبتعد كثيرًا عن حديث الأسد.

بالإضافة للسردية، أعطى سماحة الذي شغل إلى جانب وزارة الإعلام، وزارة السياحة في 1992، تبريرًا للقبضة الأمنية للأنظمة، معتبرًا أنها تسهم في التنمية عبر ضبط البلاد.

معادلة “س-س” إلى الواجهة في لبنان بعد التقارب السعودي مع الأسد

 

استحضار التاريخ

استحضر سماحة التاريخ في لقائه التاريخ القريب والبعيد، منذ انطوان سعادة، مؤسس “الحزب القومي السوري”، وحافظ الأسد وجمال عبد الناصر، واصفًا إياهم بـ”أصحاب الرؤية”.

ودفاع سماحة عن النظام السوري في لقائه لم يأت فقط من خلال تبني نظريات المؤامرة، بل بنفي أي تورط لـ”حزب الله” أو النظام باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري.

واتهم مجددًا كل من أمريكا وإسرائيل بتنفيذ العملية، على اعتبار أنهما ضمن التيار المستفيد.

وفي حزيران 2022، أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، حكمًا بالسجن المؤبد على عضوين من “حزب الله” اللبناني في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وقتل رفيق الحريري في 14 شباط 2005، عندما فجّر انتحاري شاحنة مليئة بالمتفجرات أثناء مرور موكبه المصفّح. وخلّف الهجوم 22 قتيلًا و226 جريحًا، وتبعت اغتيال الحريري تظاهرات ضخمة انسحبت على إثرها قوات النظام السوري من لبنان بعد وجود استمر 29 عامًا.

وفي معرض دفاعه عن الأسد، قال سماحة أن رئيس النظام السوري كان على موعد للقاء الحريري في 16 من شباط 2005، و”تفاجأ” من عملية اغتياله.

المؤامرة التي تحدث عنها سماحة، تهدف لتحويل العراق وسوريا ولبنان من دول إلى ضواحي لدولتين، هما تركيا وإسرائيل، لكنه أكد، كما النظام، أن “سوريا انتصرت” ومن حاربها بالأمس سيأتي غدًا ليستفيد من تجاربها ويستثمر في أراضيها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة