اللاذقية.. أسعار الملابس لا تزال مرتفعة رغم العروض الموسمية

عروض أحد محال بيع ملابس "البالة" في أسواق اللاذقية - 26 من آذار 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconعروض أحد محال بيع ملابس "البالة" في أسواق اللاذقية - 26 من آذار 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

رغم أن موسم التنزيلات كان يعتبر فرصة جيدة لذوي الدخل المحدود من أجل شراء الملابس والأحذية، إلا أن الحال اختلفت اليوم، فحتى مع تنزيلات بنسبة 70%، يعجز معظم أهالي اللاذقية عن شراء الملابس، ويفضلون تأمين الطعام بالمال القليل المتوفر.

وتبدأ التنزيلات عادة بمنتصف شهر شباط بالنسبة للألبسة الشتوية، ومطلع أيلول بالنسبة للألبسة الصيفية، حيث يحاول التجار التخلي عن بضاعتهم عبر بيعها بسعر أقل، وأحيانًا بسعر التكلفة استعدادًا للموسم المقبل.

حاولت رنا (39 عامًا) وهي ممرضة في أحد المستشفيات الحكومية بمدينة اللاذقية، استغلال موسم التنزيلات لشراء ملابس لطفليها (8 و10 أعوام)، ومنحها لهما قبيل العيد، وتفاجأت بأن الأسعار بعد تنزيلات تراوحت بين 30 و50% لا تزال مرتفعة.

وقالت إن أقل سعر بنطال جينز لسن “المحيّر” وصل ثمنه بعد التنزيلات إلى 125 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل 13850 ليرة) في سوق عبارة الأطفال وسط المدينة، وسعر أقل “بلوزة” شتوية وصل إلى 85 ألف ليرة، أي أن راتبها الذي لا يتجاوز الـ350 ألف ليرة لن يكفي شراء بدلين اثنين لطفليها.

تخلّت الأم عن الفكرة وتوجهت نحو محال الألبسة المستعملة (البالة)، وقالت إنها وجدت انخفاضًا واضحًا للأسعار، فسعر القطعة الواحدة المناسبة لعمر طفليها يتراوح بين 35 ألفًا و50 ألف ليرة، لكن المشكلة تكمن في الموديلات، فكل القطع الجميلة نفدت وما تبقى في “البالة” عبارة عن “خرق بالية”، وفق وصفها.

واحتاجت رنا لنهار كامل وهي تبحث في “بالة أوغاريت” عن قطع مناسبة، فالبحث في محال “البالة” مرهق جدًا، كون الملابس غير منسقة أو مفروزة حسب العمر، كما أن القطع الأقل ثمنًا فيها موضوعة ضمن أقفاص حديدية كبيرة بطريقة عشوائية، ما يزيد من عبء البحث ووقته.

لا تزال مرتفعة

لم تكد إحدى ماركات الألبسة الشهيرة محليًا أن تعلن عن تنزيلات 70% ليوم واحد، حتى سارعت لما (27 عامًا) إلى المحل، لتتفاجأ بأن الموديلات الموجودة غير جميلة، و”البلوزة” الوحيدة التي أعجبتها كان سعرها 85 ألف ليرة بعد التنزيلات.

عادت الشابة خائبة، لتتفاجأ في اليوم التالي بعد انتهاء التنزيلات بعودة الموديلات الجديدة إلى واجهة المحل الذي تمرّ به يوميًا خلال توجهها إلى عملها بأحد محال بيع الألبسة التركية وسط المدينة.

وفي الأمر “خدعة” أدركتها الشابة، حيث تلجأ بعض الماركات إلى الإعلان عن تنزيلات تصل إلى 80% أحيانًا ليومين أو ثلاثة، وتقوم تلك الماركات بإخفاء الموديلات المرغوبة، وتترك فقط الموديلات التي لا يكثر عليها الطلب لتصرفها بسعر أقل.

أما أكثر ما يزعج لما أنها ورغم عملها في محل للألبسة، فإن راتبها لا يشتري لها حتى بنطال جينز من المحل الذي تعمل به، فبضاعته تركية ويبلغ ثمن الجينز فيه بين 400 ألف و650 ألف ليرة سورية، و”البلوزة” بين 300 ألف و450 ألف ليرة.

وفي جولة على أسواق “هنانو” و”التجار” و”أورانج مول”، فإن الأسعار بعد التنزيلات تفاوتت، حيث تراوح ثمن “البلوزة” الشتوية بين 85 ألفًا و200 ألف ليرة، و”التريكو” بين 200 ألف و450 ألف ليرة، فيما حافظ الجينز على سعره باعتباره صالحًا للارتداء بكل المواسم بين 175 ألفًا للنوع محلي الصنع و650 ألفًا لبعض الأنواع التركية “المُهربة”، والجواكيت الشتوية بين 250 ألفًا و600 ألف ليرة.

وترتفع الأسعار بنسبة نحو 30% في سوق حي “الأميركان”، الذي يعتبر أغلى أسواق المدينة، وفيه تتوفر جميع ماركات الألبسة التي تبيع بأسعار مرتفعة، حيث وصل سعر الجاكيت الشتوي فيه بعد التنزيلات إلى نحو 800 ألف ليرة بالحد الأدنى.

ولا تختلف الحال بالنسبة للأحذية، حيث يتراوح ثمن الأحذية الرياضية بين 125 ألفًا و450 ألف ليرة للأنواع محلية الصنع، ويصل في محال “البالة” إلى 650 ألف ليرة، وحجة أصحابها أنها بضاعة أجنبية بجودة ممتازة.

أسعار أحذية الأطفال بعد التنزيلات بأحد المحال التجارية في أسواق اللاذقية - 26 من آذار 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

أسعار أحذية الأطفال بعد التنزيلات بأحد المحال التجارية في أسواق اللاذقية – 26 من آذار 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

واشترى علي (32 عامًا) حذاء رياضيًا من أحد محال البالة في حي الرمل الشمالي، بسعر 550 ألف ليرة، بعد مفاصلة البائع لمدة تجاوزت الربع ساعة، إذ كان البائع يطلب بالحذاء 625 ألف ليرة.

علي الذي يعمل في مجال البرمجة عن بعد مع إحدى الشركات العربية، قال إنه يفضل شراء الأحذية من “البالة”، لأن الأنواع محلية الصنع رديئة الجودة جدًا، لذا يفضل شراء حذاء واحد بسعر مرتفع يبقى لديه عامان على الأقل، من أن يشتري أحد الأنواع المحلية بسعر أقل لا يبقى لديه أكثر من موسم واحد، قبل أن يصبح “للكب”، وفق تعبيره.

ويقصد غالبية أهالي المدينة سوق “العنابة” والسوق “المقبي” لشراء الملابس لكونها الأسواق الشعبية الأقل ثمنًا قياسًا بباقي الأسواق الأخرى، رغم أن بضاعتها ليست جيدة، كما أنها لا تعلن عن أي تنزيلات، لكنها تترك هامشًا واسعًا للمفاصلة بين الزبون والبائع، بخلاف المحال الأخرى في سوق “هنانو” مثلًا، حيث تبيع على التسعيرة الموضوعة على قطعة الملابس دون أي تخفيض.

مدفوعة بسعر الصرف

على الرغم من ارتفاع أسعار الملابس حتى بعد التنزيلات، نتيجة التضخم وضعف القدرة الشرائية وتدني الدخل، فإن التنزيلات هذا العام أكبر من عام 2023، بدليل أن معظم الماركات أعلنت عنها، بينما العام السابق امتنعت كثير منها عن إجراء تنزيلات، وكانت بالحد الأعلى 30%، بينما وصلت هذا العام إلى 70%، ليبدو أن السبب مخاوف التجار من تقلب سعر الصرف.

“لينا” (اسم مستعار) 42 عامًا صاحبة متجر ملابس صغير في الرمل الشمالي، قالت إنها هذا العام تخشى من أن يستمر تحسن الليرة وانخفاض الدولار، وبالتالي فإن كل البضاعة التي ستبقى لديها حتى الموسم المقبل ستتعرض للخسارة، لذا قررت بيعها معلنة عن تخفيضات وصلت إلى 40%.

في عام 2023، لم تُعلن “لينا” عن أي تنزيلات، وكان الاحتفاظ بالملابس حتى الموسم المقبل يعني أرباحًا مضاعفة نتيجة التأكد من انخفاض الليرة السورية أمام الدولار بخلاف وضع السوق المتقلب حاليًا، فلا أحد يعلم إن كان الدولار سيرتفع مرة أخرى أم لا.

ورغم التنزيلات، قالت السيدة إن حركة البيع بحدودها الدنيا، والسوق شبه واقف، مرجعة السبب إلى شهر رمضان، حيث يتجه الناس لشراء الطعام، وتتوقع آملة أن يتحسن الوضع مع اقتراب موعد عيد الفطر، خصوصًا أنها تبيع ملابس لكل العائلة، الأطفال والنساء والرجال، وليست مختصة بنوع واحد.

وقال عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق لصحيفة “الوطن” المحلية مطلع آذار الحالي، إن موسم التنزيلات حقيقي، وأضاف أن أسعار الألبسة ارتفعت خلال الموسم الحالي عدة مرات بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، لذا فإن السعر اليوم بعد التنزيلات هو ذاته ما كان عليه في بداية الموسم.

ويعيش الأهالي في سوريا واقعًا اقتصاديًا ومعيشيًا مترديًا، ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام نحو 279 ألف ليرة، بينما يبلغ متوسط تكاليف المعيشة أكثر من 10.3 مليون ليرة سورية، والحد الأدنى لتكلفة المعيشة 6.5 مليون ليرة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة