منذ 2011.. ست رسائل حضرت مع بشار الأسد في جامع “الأفرم”

رئيس النظام السوري بشار الأسد يظهر ست مرات في جامع "الأفرم" بدمشق منذ 2011- 28 من حزيران 2023 (رئاسة الجمهورية/ فيس بوك)

camera iconرئيس النظام السوري بشار الأسد يظهر ست مرات في جامع "الأفرم" بدمشق منذ 2011 وحتى 28 من حزيران 2023 (رئاسة الجمهورية/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

ظهر رئيس النظام السوري بشار الأسد، في جامع “الأفرم” في مدينة دمشق اليوم، الأربعاء 28 من حزيران، وأدى صلاة عيد الأضحى، مسجلًا حضوره للمرة السادسة في هذا الجامع منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011.

ظهور سادس في الجامع برفقة رجال دين ومسؤولين في حكومته، اختلفت الرسائل في كل مرة مع اختلاف الخطباء والسياق السياسي في الملف السوري، بدأت بمهاجمة “الربيع العربي”، وانتهت بـ”بشائر النصر” التي أتت من التقارب العربي مع النظام السوري.

مهاجمة “الربيع العربي”

أول ظهور للأسد في جامع “الأفرم” بعد اندلاع الثورة السورية، كان في 26 من تشرين الأول 2012، وأدى حينها صلاة عيد الأضحى مؤتمًا بالشيخ وليد عبد الحق، الذي انتقد “الربيع العربي”.

وقال عبد الحق، “إن ما دعوه ربيعًا عربيًا تحول إلى شتاء قارس بارد سقيم ينفث سقمه في الأمة العربية والإسلامية وعند هذه النقطة تظهر العنصرية بأوسع وأوضح معانيها”.

وأضاف أنها “عنصرية الصهيونية العالمية التي توهمت أن هناك بشرا فوق البشر يحق لهم ما لا يحق لغيرهم فهم عنصريون يسعون لنهب ثروات الشعوب وقدراتها”.

دعوة إلى “الحوار”

بعد ثلاثة أشهر من ظهوره الأول في جامع “الأفرم”، شارك رئيس النظام في 24 من كانون الثاني 2013 في الجامع نفسه بالاحتفال بذكرى المولد النبوي، وأدى صلاة العصر، مؤتمًا بالشيخ أحمد الجزائري، وألقى وزير الأوقاف، محمد عبد الستار السيد، كلمة حينها دعا فيها إلى “الحوار”، وذلك بعد أن استخدم النظام لغة الرصاص مع الاحتجاجات.

وقال وزير الأوقاف حينها إن “الفرصة أتت فلا تضيعوها فتضيع بلدكم وتهدموا سوريا وتمزقوا وحدة وطنكم وتخونوا أماناتكم، عودوا إلى هديكم وسنة حبيبكم وابتسامة رسولكم، وها هو السيد الرئيس فتح الفرصة. الفرصة أتت والصدور انشرحت وساعة الخلاص أتت وأبواب الحوار أشرعت”.

مهاجمة وليد عبد الحق للربيع العربي ودعوة عبد الستار السيد المعارضة إلى الحوار، كانتا في الوقت الذي كانت ترتكب فيه قوات النظام عشرات المجازر بحق المدنيين الذين طالبوا بالحرية والتغيير.

ومن المجازر بين 2011 ومطلع 2013، مجزرة داريا، وراح ضحيتها مئات المدنيين العزّل، ومجازر محافظة حمص، مثل الحولة، وحي عشيرة ووصل عدد الضحايا فيها إلى 224 شخصًا، ومجزرة الرستن وراح ضحيتها 11 شخصًا، ومجزرة كرم الزيتون وراح ضحيتها 14 شخصًا، ومجزرة البياضة وراح ضحيتها ثمانية أشخاص.

وارتكبت قوات النظام في نفس الفترة، مجازر أخرى منها داريا بريف دمشق التي راح ضحيتها مئات المدنيين، ومجزرة تفتناز وجبل الزاوية بإدلب، والقبير في حماة، وصيدا في درعا، وغيرها من المجازر، وفق توثيق الشبكات والمنظمات الحقوقية.

إلى “البغدادي والجولاني” والفصائل

الظهور الثالث للأسد في جامع “الأفرم” كان في 5 من كانون الثاني 2015، عبر مشاركته بالاحتفال بذكرى مولد الرسول، وأدى صلاة العشاء حينها مؤتمًا بالشيخ بشير عيد الباري مفتي دمشق، الذي توفي في 2021.

وألقى وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد كلمة، حملت رسائل إلى فصائل معارضة مسلحة في سوريا، مشيرًا إلى أن النبي بريء من كل من يقتل أو يفجر أو يذبح جرمًا وتآمرًا وقال، إن أسماءهم تعددت، والبغي دينهم مهما تكنوا من “داعش ونصرة وأحرار الشام”.

وأضاف أن هذه الفصائل بدلت “بالسلم حربًا وبالرحمة غلظة وحادوا عن نهج النبي، إلى ابن عبد الوهاب وإلى البغدادي وجولاني وعزام”.

وخاطب وزير الأوقاف النبي قائلًا، إن هذا البياض الناصع قد سودته طغمة من الأوغاد اللئام، ورفعوا رايات بغيهم وضلالهم وسلوا سيوف الحقد والإجرام، وزعموها حرية وسلمية واختبؤوا خلفها ثم أسفروا عن وجههم الأسود القتام، حسب وصفه.

ولم تخلُ كلمة وزير الأوقاف من الإشادة برئيس النظام، واصفه بأنه “أوصل السفينة إلى بر الأمان وحارت به ألباب أعداء الوطن والأمة”.

في نفس الشهر الذي ظهر فيه الأسد بجامع “الأفرم” عام 2015، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” ما لايقل عن 20 مجزرة في كانون الثاني، 16 منها ارتكبتها قوات النظام، أسفرت عن مقتل 195 شخصًا، بينهم 32 طفلًا، و21 سيدة.

“العروبة والإصلاحات”

في 29 من تشرين الثاني 2017، زار رئيس النظام السوري جامع “الأفرم” للاحتفال بذكرى مولد النبي، وأدى صلاة العشاء مؤتماً بالشيخ عدنان الأفيوني مفتي دمشق وريفها، حينها قبل اغتياله بعبوة ناسفة في 2020.

وألقى وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد كلمة، قائلًا إنه من عروبة الرسول إلى عروبة القرآن “نفهم العروبة كحالة حضارية واسعة وهذا ما أكد عليه بشار الأسد” واصفه بـ”القائد العربي الأصيل”.

وتابع السيد، “فإن خان وتخلف عربي فلن ننسلخ من عروبتنا ولن نفقد هويتنا وإن تطرف وأجرم خوارجي ووهابي وإخونجي فلن نتنكر لإسلامنا، فسوريا قلب العروبة ومنطلق الإسلام والعروبة وقيمها مع روح الإسلام وتعاليمه وحدة لا تتجزأ في نهج الرئيس الأسد”.

وتحدث وزير الأوقاف عن “إصلاحات سياسية ودينية” تحققت في سوريا، وذكر أن الشعب “احتضن الجيش فأثمر هذا الاحتضان نصرًا بقيادة الأسد”، حسب قوله.

الحديث عن العروبة في كلمة عبد الستار السيد، جاء حينها في نفس الشهر الذي نشرت وكالة “عمون الإخبارية” الأردنية، خبرًا عن زيارة رئيس الديوان الملكي الأردني، فايز الطراونة، إلى سوريا للقاء بشار الأسد، لكن بعد ساعات حذفت الوكالة الخبر وأصدرت بيانًا ادعت فيه تعرض موقعها إلى عملية قرصنة.

وفي الشهر نفسه من عام 2017، وثقت “الشبكة السورية” مقتل 996 مدنيًا في سوريا، من بينهم 782 مدنيًا على يد قوات النظام وروسيا التي تدخلت عسكريًا في سوريا منذ أيلول 2015، بذريعة محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

“انتصار على الإرهاب”

خامس ظهور لرئيس النظام في جامع “الأفرم” كان في 11 من آب 2019، وأدى صلاة عيد الأضحى، مؤتمًا بالشيخ حسان عوض مستشار وزير الأوقاف حاليًا، والذي خاطب رئيس النظام، وأشاد بـ”قيادته”.

وقال عوض، “لقد قدت الوطن في أحلك الظروف والساعات، فثبتنا معك وصمدت وصمدنا بك، فنصرك الله ونصر الوطن على (الإرهاب) نصرًا عزيزًا مؤزرًا، بتضحيات جيشنا الباسل الذي يخوض أشرس المعارك ضد الإرهابيين وداعميهم”، وختم عوض خطبته بالدعاء إلى الأسد.

خطبة عوض عن الانتصار تزامنت مع حملة عسكرية لقوات النظام مدعومة بحلفائها الروس والإيرانيين على مناطق “خفض التصعيد” شمال غربي سوريا، وأدت إلى مقتل 190 شخصًا على يد هذه القوات، ونزوح 100 ألف مدني شمالي سوريا، وسجلت “الشبكة” السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 1167 برميلًا متفجرًا ألقاها الطيران المروحي التابع للنظام.

انتقاد الغرب و”بشائر نصر”

سادس ظهور لبشار الأسد في جامع “الأفرم” كان اليوم، الأربعاء 28 من حزيران، وأدى صلاة عيد الأضحى، مؤتمًا برئيس اتحاد علماء بلاد الشام، محمد توفيق رمضان البوطي، تلاها خطبة طغى عليها الخطاب السياسي منذ بدايتها.

وقال البوطي إن هذا العيد يأتي بعد سنوات عجاف، ويحمل بشائر غد أفضل وتحول عظيم تنال فيه الأمة ثمرة صبرها وصمودها وثباتها، وتطرق إلى الأزمات والمحن الشديدة التي أفقرت وشردت الكثيرين، وسفكت فيها الدماء، لكن دون تسميتها، متحدثًا عن “سخاء ورخاء” كان يعيشه السوريون، ولا ينكره إلا مكابر، على حد قوله.

واعتبر البوطي أن لجوء السوريين في البلدان الأوروبية، ضيّع الكثير من “أبناء الوطن”، وأن الكفاءات التي صنعها الوطن صارت في خدمة الغرب، الذي “اختطف أطفالهم ليصبحوا مجرد مادة بشرية تعوض الضمور السكاني عندهم”.

وتطرّق البوطي في ختام خطبته إلى ما اعتبرها “تباشير النصر”، لافتًا للتقارب العربي الذي يجري منذ حدوث الزلزال بشكل علني ومباشر مع النظام السوري، قائلًا “ها هم الأشقاء العرب قد حسموا أمرهم للوقوف إلى جانب وطننا وأمتنا”.

وكغيره من الجوامع، اختلفت الخطبة من منبره تبعًا للتغيرات السياسية، فبعد 12 عامًا من مهاجمة العرب، عادوا أشقاء في نظر رئيس النظام السوري.

وعكست خطبة البوطي مسار علاقات النظام السياسية حاليًا، إذ يشهد المسار تقاربُا عربيًا متمثلًا بعودة علاقات مع دول عربية كانت مع النظام على طرفي نقيض كالسعودية، وكذلك حضور بشار الأسد للقمة العربية في جدة مؤخرًا، قوبلت هذه التحركات برفض غربي أمريكي أوروبي للتطبيع مع النظام.

جامع “الأفرم”

جامع قديم يقع على سفح جبل قاسيون في حي المهاجرين، شمال شرق ساحة “عدنان المالكي” اليوم، وسمي على اسم الأمير المملوكي جمال أقوش الدين الأفرم سنة 1306.

وكان جامع “الأفرم” في العصر المملوكي واحدًا من 16 مسجدًا بدمشق وضواحيها سمح أن تقام بها صلاة الجمعة، وفق “الموسوعة الدمشقية” و”موسوعة الآثار في سوريا“.

هُدم جزء من الجامع يوم غزو تيمورلنك مدينة دمشق سنة 1401، وتضرر كثيرًا إثر زلزال دمشق الشهير سنة 1759، وأمر السلطان عبد الحميد الأول بترميم جزء بسيط منه. وفي سنة 1879، قام الوالي العثماني مدحت باشا باستخدام بعض حجارته لرصف الطريق المؤدي إلى الصالحية.

وبقي الجامع على هذا الحال حتى سنة 1909، حيث قام أحد الوجهاء، وهو داوود بن عبد الجبار اليسوي بترميمه على نفقته الخاصة، وقد أوصى أن يُدفن فيه عند وفاته سنة 1917.

أعيد بناء المسجد وفق الطراز المملوكي في عهد الرئيس شكري القوتلي سنة 1956 مع الحفاظ على اسمه الأصلي وإدخال عناصر من الحجر الأبيض والإسمنت عليه، وتُعرف الجادة التي يقع فيها بجادة الأفرم.

المنابر في خدمة الأسد

يتخذ النظام من المظاهر الدينية، وسيلة لتعزيز الحاضنة الشعبية له، إذ تتحول أغلب الخطب الدينية في الجمع والمناسبات إلى منابر سياسية لدعم سياساته وروايته.

ويحرص بشار الأسد، على الظهور إلى جانب رجال الدين، وخاصة في الأعياد، إذ يصلي مع مجموعة من المسؤولين، وتبثّ الصلاة على المحطات الفضائية الرسمية.

وتتحول أغلبية الكلمات في الخطابات الدينية إلى خطابات سياسية، لدعم النظام وجيشه ورئيسه، وغالبًا ما يحمل ظهوره في المناسبات الدينية المختلفة رسائل للداخل والخارج.

ويطغى على خطب رجال الدين الذين يظهرون مع الأسد، المديح والثناء على الأخير وعلى “إنجازاته وأخلاقه وتعامله مع المواطنين، وصموده في وجه المؤامرة”.

اقرأ أيضًا: الأسد يستغل المساجد.. يصلّي في “الحسن” وعينه على “التضامن”




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة