نقاشات أممية لـ”فيتو” موسكو.. الشمال السوري بانتظار المساعدات

وفد أممي يزور شمال غربي سوريا من معبر باب الهوى البري الحدودي مع تركيا- 14 من شباط 2023 (GETTY)

camera iconوفد أممي يزور شمال غربي سوريا من معبر باب الهوى البري الحدودي مع تركيا- 14 من شباط 2023 (GETTY)

tag icon ع ع ع

تتواصل اللقاءات السياسية والتحركات الأممية بعد نحو عشرة أيام على انتهاء صلاحية التفويض الأممي لإدخال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر الحدود، واستخدام روسيا لـ”حق النقض” (الفيتو)، ضد مشروع قرار برازيلي- سويسري، طالب أولًا بإدخال المساعدات لعام كامل عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، قبل تعديل المشروع إلى تسعة أشهر.

وفي 19 من تموز، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسة لمناقشة استخدام روسيا “الفيتو”، خلال جلسة مجلس الأمن المنعقدة في 11 من تموز، وكانت مخصصة لتجديد التفويض الأممي لتمرير المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.

جاءت الجلسة بناءً على قرار تبنته الجمعية العامة في نيسان الماضي، ونص على إجراء اجتماع تلقائي في غضون عشرة أيام، بعد استخدام أي من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن (يتكون من 15 عضوًا)، “الفيتو”، ليتسنى للدول الأعضاء في الأمم المتحدة التدقيق والتعليق على الخطوة.

رئيس الجمعية العامة، تشابا كوروشي، قال في افتتاح الجلسة إن برنامج الإغاثة المنقذ للحياة لا ينبغي أن يكون رهين المصالح السياسية.

كما شدد على استرشاد العمل الإنساني بمبادئ عدم التحيز والحياد والاستقلال، مؤكدًا ضرورة ألا تكون المساعدات الإنسانية الفعالة رهينة أي مصالح سياسية.

كوروشي طالب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن يكونوا على دارية بالحقائق وأن تكون جهودهم مووجهة نحو الحلول الحقيقية، ومنح الأولوية بشكل عاجل للتعاون طويل الأمد ضد الانقسام، والواجب الإنساني على حافة الهاوية.

“معًا لدينا القوة لإحداث تغيير جدي، إن شعب سوريا يعتمد علينا في مساعدتهم”، أضاف رئيس الجمعية العامة.

من جهته، اعتبر المندوب البرازيلي (أحد مقدمي مشروع قرار التمديد بالشراكة مع سويسرا)، أن بلاده وسويسرا عملتا بجد مع أعضاء مجلس الأمن وبنية طيبة، وبالتشاور مع سوريا، وغيرها من الأطراف المهتمة، لصياغة مشروع القرار الذي فشل مجلس الأمن في تمريره بسبب “الفيتو” الروسي.

كما أعرب عن التزام بلاده وسويسرا باستمرار العمل مع أعضاء مجلس الأمن ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وسوريا، وغيرها من الجهات الفاعلة من أجل مساعدة السوريين.

موسكو: متوازن وحكيم

المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة قال إن الوفد الروسي “اضطر لاستخدم حق النقض”، متهمًا صائغي القرار (البرازيل وسويسرا) بعدم الاستجابة لمقترحات روسيا التي قدمتها نيابة عن سوريا.

وأضاف “كانت الولايات المتحدة، وحلفاؤها (..) قلقين في المقام الأول بشأن توقيت تمديد الآلية عبر الحدود، ولم يكونوا مستعدين لإجراء أي تحسين في الآلية”.

من جانبه، اعتبر مندوب النظام السوري، أن روسيا اتخذت قرارًا “متوازنًا وحكيمًا” بالتصويت ضد مشروع “قرار غربي” بشأن آلية إدخال المساعدات عبر الحدود.

وتذرع مندوب النظام بأن مشروع القرار البرازيلي- السويسري لم يلبِ مطالب سوريا “المحقة” بشأن تحقيق استجابة أفضل للاحتياجات الحقيقية للشعب السوري، وفق ما نقلته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا).

“سوريا تعبر عن اتفاقها التام مع موقف الاتحاد الروسي وتقديرها لرفضه مشروع القرار والذي جاء معبراً وبإخلاص عن حرصه على التخفيف من معاناة الشعب السوري”، أضاف مندوب النظام.

المنطقة لا تحتمل

الدكتور مازن كوارة، مدير مكتب تركيا وشمالي سوريا لدى “الجمعية الطبية السورية- الأمريكية” (سامز) أوضح لعنب بلدي أن أي قبول بنقاش ورقة النظام يعتبر تراجعًا خطيرًا وتهديدًا بعدم استمرارية وصول المساعدات في المستقبل، ووضع المنطقة تحت رحمة منظمات تابعة للنظام وغير مقبولة للمجتمع المحلي، يما يتنافى مع المصلحة العامة في شمال غربي سوريا ومع الالتزام بالمبادئ الإنسانية.

كمنظمات محلية أو ضمن التحالفات للمنظمات الدولية، أرسلنا رسائل في سبيل دفع الأمم المتحدة والدول الأعضاء على الإصرار على دخول المنظمات الأممية بكل حرية من تركيا عبر باب الهوى بدون شروط، وبصرف النظر عن الحالة القانونية، وإذا كان هناك تغطية قانونية يجب أن تكون عن طريق مجلس الأمن.

مازن كوارة- مدير مكتب تركيا وشمالي سوريا لدى “الجمعية الطبية السورية- الأمريكية”

وقال كوارة، إن المنظمات المحلية وبعض الدولية تؤمن أنه لا حاجة لموافقة النظام أو لقرار من مجلس الأمن لمساعدة الناس شمال غربي سوريا، والمبادئ الإنسانية تفرض على الأمم المتحدة أن تقوم بواجبها، مشددًا على أن المنطقة لا تحتمل انسحاب توقف الدعم الأممي المباشر.

ويرى الدكتور مازن كوارة أن تنسيقًا أمميًا مع النظام من شأنه تهديد المساعدات الغذائية والطبية والدوائية بشكل كبير، وإحداث قصور كبير في هذه المساعدات، مؤكدًا أن المنظمات السورية والدولية مستمرة في العمل بدون قرار مجلس الأمن، وأن الآليات الإنسانية البديلة غير كافية، ووجود الأمم المتحدة مهم مع غياب بدائل كفيلة بتأمين بدائل تسهل حياة الناس.

رسالة من النظام

في 13 من تموز الماضي، وبعد أقل من 48 ساعة على جلسة مجلس الأمن التي ناقشت تمرير المساعدات عبر الحدود، في 11 من الشهر نفسه، أبلغ النظام السوري الأمين العام للأمم المتحدة، برسالة موقعة من مندوب النظام لدى المنظمة، بسام صباغ، قراره “السيادي” بالسماح لوكالات الأمم المتحدة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا عبر معبر “باب الهوى” لمدة ستة أشهر.

وبحسب ما نقلته وكالة “رويترز“، حينها، عن رسالة صباغ التي اطلعت عليها عنب بلدي، فإن تسليم مساعدات الأمم المتحدة يجب أن يكون “بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الحكومة السورية”.

مندوب النظام لدى الأمم المتحدة بسام صباغ خلال مؤتمر صحفي بعد فشل تجديد التفويض الأممي للمساعدات عبر الحدود- 13 من تموز (بسام صباغ- تويتر)

مندوب النظام لدى الأمم المتحدة بسام صباغ خلال مؤتمر صحفي بعد فشل تجديد التفويض الأممي للمساعدات عبر الحدود- 13 من تموز (بسام صباغ- تويتر)

أندرو تابلر، مدير سابق لملف سوريا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، والزميل في معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، اعتبر أن طرح النظام السوري يمنح الأسد وبوتين قبضة خانقة على المدنيين السوريين الذين عانوا منذ 12 عامًا الحرب والنزوح، كما وصف خطوة النظام بأنها “كش ملك من موسكو”، وضربة لسياسة الغرب تجاه سوريا، وفق ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ووفق وثيقة صادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) ومرسلة إلى مجلس الأمن، فإن طرح النظام السوري المتعلق باستخدام المعبر تضمن “شرطين غير مقبولين”، إذ عبّر المكتب عن القلق إزاء حظر مفروض على التحدث إلى كيانات مصنفة “إرهابية”، وكذلك حيال “الإشراف” على عملياته من جانب منظمات أخرى من مناطق نفوذ النظام، كـ”الهلال الأحمر السوري”، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.

رغم النفي.. للنظام شروط

عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة في 14 من تموز، بعد فشل التوصل إلى تفاهم في الجلسة المفتوحة في 11 من تموز.

صحيفة “الوطن” المقربة من النظام، نقلت عن “مصادر دبلوماسية متابعة”، أن الجلسة ناقشت رسالة النظام إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

كما نفى النظام خلال الجلسة وضع شروط بشأن إيصال المساعدات، لكن رسالة مندوب النظام إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن تضمنت تشديدًا على ضرورة عدم تواصل الأمم المتحدة وممثليها وطواقهما مع “التنظيمات والمجموعات الإرهابية والهياكل الإدارية غير الشرعية المرتبطة بها، في شمال غربي سوريا، بما فيها ما تسمى بـ(الحكومة المؤقتة)، و(حكومة الإنقاذ)”.

وطالب النظام بالسماح للجان “الصليب الأحمر” و”الهلال الأحمر السوري” بالإشراف على تسهيل توزيع المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرة “التنظيمات الإرهابية” في شمال غربي سوريا، وفق ما نقلته الصحيفة.

وكان مجلس الأمن فشل في التوصل لتمديد التفويض الأممي لإرسال المساعدات عبر الحدود، في 11 من تموز.

وبعد طرح مشروع القرار السويسري- البرازيلي للتصويت، اصطدم بـ”فيتو” روسي، وجاءت نتيجة التصويت بتأييد 13 عضوًا، ومعارضة صوت، وامتناع آخر عن التصويت (الصين)، ما أدى إلى عدم اعتماده بسبب تصويت سلبي من عضو دائم العضوية في المجلس.

مشروع القرار الروسي الذي ينص على التمديد لستة أشهر فقط، جاءت نتيجة التصويت عليه بتأييد عضوين، واعتراض ثلاثة، وامتناع عشرة عن التصويت، ما أدى إلى عدم اعتماده أيضًا.

المندوب_الروسي_يستخدم_حق_النقض_ضد_مشروع_القرار_السويسري-_البرازيلي_في_مجلس_الأمن-_11_من_تموز_(UN)

المندوب_الروسي_يستخدم_حق_النقض_ضد_مشروع_القرار_السويسري-_البرازيلي_في_مجلس_الأمن-_11_من_تموز_(UN/ لقطة شاشة)

“عبر الخطوط” غير مجدية

اعتبرت صحيفة “الوطن”، في مادة نشرتها في 9 من تموز، أن مشروع القرار الروسي يأتي في مواجهة السويسري- البرازيلي الذي ترفضه موسكو، وترى فيه “انتهاكًا لسيادة الدولة السورية القادرة على إيصال المساعدات إلى جميع مناطق البلاد عبر الخطوط”.

في الوقت نفسه، أحصى فريق “منسقو استجابة سوريا” دخول عشر شاحنات ضمن دفعة واحدة خلال مدة القرار (ستة أشهر)، بينما بلغ عدد الشاحنات التي دخلت عبر الحدود خلال المدة ذاتها أربعة آلاف و342 شاحنة، منها 602 شاحنة من معبري “باب السلامة” و”الراعي”، وفق الاستثناء المعمول به، جراء الزلزال (تنتهي صلاحية الاستثناء في 13 من آب، بعد تمديدها في أيار لثلاثة أشهر).

وفق بيان لـ”منسقو استجابة سوريا” مطلع تموز، فإن وقف دخول المساعدات إلى شمال غربي سوريا سيحرم أكثر من 2.6 مليون نسمة من المساعدات الغذائية، وأكثر من 2.8 مليون نسمة من الحصول على المياه النظيفة أو الصالحة للشرب، بالإضافة إلى حرمان أكثر من 1.1 مليون شخص من الحصول على الخبز بشكل يومي، وغيرها من حالات العجز التي قد تضرب المنطقة.

اقرأ المزيد: موسكو والنظام يلعبان بـ”شريان حياة” الشمال




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة