“الله قريب من قلبي”.. انفصال الشاعر عن نصه

tag icon ع ع ع

“وأما أنا فأرى الحرية قضية عظمى، تستحق أن يعفى الإنسان من الموت في سبيلها”.

بهذه المقدمة افتتح الشاعر السوري نزيه أبو عفش ديوانه الشعري “الله قريب من قلبي”، الصادر عام 1980، وهي مقدمة تحكي كثيرًا عن تفاصيل النص والقصائد التي تليها، على قلة عددها واتساعها بالمعنى.

ينقسم الديوان المكون من 73 صفحة إلى ثلاث قصائد طويلة من الشعر الحديث، تحمل الأولى اسم الديوان، ويمكن اعتبارها “بطلة الديوان” ككل، وفيها يعبر أبو عفش عن قرب الله من قلبه، في إشارة إلى الالتصاق بقوة أكبر من تلك التي ينتقد فيها بإيقاع سياسي الظلم والفقر وغياب الحرية، وكثيرًا من الظروف القاهرة والقادرة في الوقت نفسه على قطع صلة الإنسان ببلده، وإعادة تعريف الوطن في منظوره، وفق هذه الظروف، ما يجعل البلاد في قصيدة نزيه أبو عفش “أمًا فاسقة”، و”نارًا فاسقة”.

في الديوان بعض الرسومات التي تعطي انطباعًا عامًا عن النص، وتأتي منسجمة معه إلى حد ما، فبعض الأشخاص يشبكون أيديهم إلى الخلف مطأطئي الرؤوس، وهناك من ينظر إلى أعلى، والأيدي متشابكة إلى الخلف أو الأمام، ومنهم راكعون أو يهمون بالركوع، بما يعبر عن أن أبطال هذه الرسومات قليلو الملامح، مكتوفو الأيدي، وهم صورة مصغرة عن مواطني بلد بالكامل أو أكثر.

يقول أبو عفش في أحد مقاطع قصيدة “الله قريب من قلبي”، “وعلى مرمى الدمعة مني، وطن يسكنه الجلادون، وأعلام القتل، وصناع الأوراق النقدية، والحبل المتدلي، منذ الله، لينجز خاتمة الأشياء”.

وعلى هذا الإيقاع يشكّل النص ككل حالة نقد سياسي وانحياز للمضطهدين المقهورين في بلادهم، وهم في هذه الحالة أبناء البلد الواحد الذين يصطف الشاعر إلى جانبهم ضد سلطة أعلى وأكبر، ويذكر من وقت لآخر أن “الله قريب من قلبي” استدعاء للطمأنينة في وجه الجلاد، ووجه السلطة.

هذه القصيدة التي كُتبت عام 1975، لم يحافظ الشاعر بعدها على حالة اتحاد الكاتب مع نصه، أو الشاعر مع قصديته، فرغم مضي عقود من الزمن على كتابة النص، فإن ما تغير في الواقع الذي انتقده أبو عفش حينها، تصعيد أكبر في مأساة الناس، وإطلاق أكبر لأيدي الجلاد، وأمام كل ذلك اتخذ الشاعر خلال الثورة في سوريا موقفًا قريبًا من النظام، فعادى الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية، وصادق روسيا، ودافع عنها في غزوها لأوكرانيا (24 من شباط 2022)، وذهب بعيدًا في موقفه السياسي محرضًا الروس على ارتكاب المجازر.

وقال في 4 من نيسان 2022، عبر “فيس بوك”، إن “الروس ليسوا قراصنة ليقترفوا المجازر، أيها الروس الرائعون، إذا كان لا مهرب من إلصاق المجزرة بكم، فاقترفوها، نقطة”.

نزيه أبو عفش، شاعر سوري، من أبناء محافظة حمص، وسط سوريا، ولد عام 1946، وفي أرشيفه 13 مجموعة شعرية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة