“شرق الشمس غرب القمر”.. نصوص منحازة للجماعة

"شرق الشمس غرب القمر".. نصوص منحازة للجماعة
tag icon ع ع ع

يتجلى حضور الوطن والمعاني والمفاهيم الوطنية في ديوان “شرق الشمس غرب القمر”، للشاعر السوداني محمد الفيتوري، منذ بداية الديوان وحتى النهاية.

ولا يتجلى تصوير الوطن والحديث عنه أو إليه بحدود واضحة، مقدار ما يسعى النص إلى رسم هذا الوطن عبر عرض أبطاله وشخصياته بالصورة التي يمكن أن تنطبق على أوطان كثيرة، ربما تكون كلها جزءًا من وطن أكبر يتحدث عنه النص هنا.

وكما أن النص يؤثر ويتأثر بالكاتب، فالمرحلة والظرف والحالة السياسية يمكن أن ترخي أحمالها على مزاج الشاعر، وآلية تفكيره، لينتج بالضرورة هواجس الناس ومخاوفهم، وآمالهم، بالشعر، لا سيما أن الفيتوري يدافع عن الانتماء، ويعكسه في النص، فالشعراء الذين يتخذون مواقف بالغة الفردية، مواقفهم ناتجة عن انطوائهم، فالشاعر ابن البيئة والمجتمع، الذي هو مزيج من التفاعلات السياسية والاقتصادية والثقافية.

يوحي عنوان الديوان برومانسية رشيقة لا تنتفي بالكامل، لكنها لا تشكل جوهر الحضور، كون النصوص منحازة للجميع والجماعة، تحكي القصيدة فيه عن القدس، وبيروت، وعن تونس، وعن إنسان هذه المدن والبلدان، وهو انعكاس لصورة الإنسان العربي لا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي فقط، زمن كتابة القصائد، حين كانت أحداث العالم العربي البائسة أكثر تسارعًا، فتأتي المصيبة مدفوعة برغبة التخلص من عار سابقتها.

وفي هذا الإطار أشار الفيتوري إلى الحرب العالمية ثم احتلال فلسطين تحت مسمى “النكبة” عام 1948، وعدم جدوى النظام العربي، وصولًا إلى “النكسة” في 1967، وهي هزيمة كرست عجز الطبقة الحاكمة عربيًا، وتجنّب المواجهة الذي سلكته أكثر فأكثر مع الزمن، لتنتقل من موقع الشريك بالحدث أو صاحب الفعل أو صانعه، إلى موقع المتفرج عن بعد، ما لم يكن منحازًا ضد قضيته أو قضاياه.

في قصيدة “القناص يعترف للفريسة”، التي كتبها في بيروت عام 1975، يحاكي الفيتوري أكثر من زمن في الوقت نفسه، أولهما ثابت والآخر متحرك، وهما زمن القصيدة، وزمن القراءة، فإن تغييرًا جوهريًا لم يحصل بما يؤثر على صورة الأحداث أكثر من تعميق المأساة.

ويقول في هذه القصيدة، “فهناك مجلود وجلاد، ومقتول وقاتل، وبنادق خانت، وأخرى عن مواقعها تقاتل”.

محمد مفتاح رجب الفيتوري، شاعر سوداني ولد عام 1936، في بلدة قرب الحدود الغربية للسودان، وتوفي عام 2015، وفي أرشيفه نحو 20 عملًا بين الشعر والمسرح، منح نصيبًا جيدًا منها لإفريقيا، فجاء ديوانه الأول بعنوان “أغاني إفريقيا”، وصدر عام 1955، ولديه ديوانان باسم “عاشق من إفريقيا”، و”اذكريني يا إفريقيا”، وصدرا منتصف الستينيات.

يعتبر الفيتوري أحد رواد الشعر الحر الحديث، ويلقب بـ”شاعر إفريقيا والعروبة”، نصّه متمرد يضج بالرفض والثورة، فالفقير غني في قصيدته، ويتسيّدها، والعربي المقهور موعود بالنصر وتغيير الواقع.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة