أهالي حي طريق السد.. شتاء ثانٍ خارج المنزل

بناء مدمر في حي طريق السد بمدينة درعا جنوبي سوريا- تشرين الأول 2023(عنب بلدي/ سارة الأحمد)

camera iconبناء مدمر في حي طريق السد بمدينة درعا جنوبي سوريا- تشرين الأول 2023 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

tag icon ع ع ع

في حي طريق السد بدرعا البلد الذي كان مركزًا لمعارك عسكرية عديدة بين أطراف مختلفة، أسفرت عن دمار بالبنى التحتية وممتلكات المدنيين، يقيم إبراهيم ذو الـ60 عامًا، الذي فقد منزله قبل نحو عام خلال معارك دارت بين مجموعات محلية وأخرى تُتهم بالتبعية لتنظيم “الدولة الإسلامية”. 

وعلى وقع الوضع الاقتصادي المتردي عجز إبراهيم عن ترميم منزله المدمر بالكامل، والمحل التجاري الملاصق له الذي لحق به ضرر جزئي نتيجة انفجار سيارة مفخخة في المنطقة.

بدائل لا تحل المشكلة

في الوقت الذي تمكن فيه إبراهيم من التعايش مع الأنبوب البلاستيكي الموصول بمجراه التنفسي، نتيجة إصابته بمرض سرطان الحنجرة، لم يتمكن من الحصول على حل لمشكلة السكن التي يعانيها.

وبالنسبة لشخص وصل إلى هذه المرحلة من العمر، ومصاب بمرض مزمن، يرى إبراهيم أن لا قدرة له على العمل.

الرجل الستيني عثر على منزل متضرر إثر المعارك أيضًا بسعر معقول مقارنة بأسعار المنازل في المنطقة، بلغ 400 ألف ليرة سورية (نحو 30 دولارًا)، لكن المشكلة بالنسبة له أنه غير قادر العمل، في حين يجني ولداه يوميًا ما لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية للعائلة.

ويعمل ابنا إبراهيم، خالد وناصر، في محل صغير لبيع الخضار بحي طريق السد تمتلكه العائلة، لكنه تعرض بدوره لدمار جزئي لم يوقف عزيمة العائلة عن استمرار العمل به.

حكومة النظام السوري التي تمثل السلطة الخدمية منذ سيطرتها على الجنوب السوري في تموز عام 2018، تقف عاجزة اليوم عن تعويض خسارة السكان لمنازلهم، سواء تلك المدمرة بمعارك سيطرة النظام على المنطقة، أو خلال المواجهات التي تبعتها. 

إبراهيم قال لعنب بلدي، إن خيبة أمل تملكته بعد سلسلة من الوعود التي تلقاها من “الهلال الأحمر السوري” وموظفي بلدية درعا، والعاملين في “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” (UNDP)، إذ لم تنفذ أي من هذه الوعود حتى اليوم. 

عضو في اللجنة الخدمية (مشكّلة من وجهاء المنطقة) في منطقة الحمادين بحي طريق السد، قال لعنب بلدي، إن 100 منزل دمر في منطقة الحمادين والرباعي، وهي مناطق تركزت فيها المعركة ضد التنظيم، منها نحو 20 منزلًا دُمر بشكل كلي. 

وأضاف عضو اللجنة الذي تحفظ على ذكر اسمه لمخاوفه الأمنية، أن بلدية درعا و”برنامج الأمم المتحدة” أرسلا آليات لإزالة الأنقاض عقب انتهاء المعارك في تشرين الثاني 2022، لكنهما لم يرمما أي منزل حتى اليوم، وفق عضو اللجنة. 

وأضاف أن الجهات المسؤولة تتذرع بـ”خلل إنشائي كبير لا يتناسب مع معايير الترميم”، عند السؤال عن أسباب عدم الشروع بترميم المنازل المتضررة. 

ولطالما أجابت البلدية والمنظمة الأممية على استفسارات اللجنة الخدمية بأن المنازل تحتاج إلى “إعادة إعمار من جديد ويصعب ترميمها بسبب تضررها بشكل كبير”، بحسب عضو اللجنة.

الترميم بملايين الليرات

المهندس عصام كان من بين مجموعة متخصصين زاروا منازل مدمرة في حي طريق السد للكشف عن حجم الأضرار، واحتمالية ترميمها، قال لعنب بلدي، إن تكاليف ترميم المنازل تصل إلى عشرات ملايين الليرات، نظرًا إلى اختلاف حجم الأضرار بين منزل وآخر. 

وقدّر المهندس، الذي تحفظ على اسمه الكامل لأسباب أمنية، تكاليف ترميم المنازل بـ15 مليون ليرة سورية (نحو 1100 دولار) ومنها ما يصل إلى أضعاف هذا المبلغ. 

وتعاني وداد (45 عامًا) أيضًا المشكلة نفسها، إذ قالت لعنب بلدي، إنها هربت مع طفليها من منزلها في حي طريق السد عند بدء المعركة ضد التنظيم نهاية العام الماضي، ولجأت إلى منزل أقاربها في درعا البلد، لكنها لم تستطع العودة إلى منزلها بسبب الدمار “الهائل” الذي حل به، بحسب وصفها. 

وحاولت وداد بشكل متكرر طلب مساعدة بلدية درعا لترميم المنزل، لكن الوعود التي تلقتها من موظفي البلدية ظلت معلّقة. 

وتبلغ تكلفة ترميم منزل وداد أكثر من عشرة ملايين ليرة سورية، وهو ما يتجاوز طاقة وداد المادية، بحسب ما قالته لعنب بلدي. 

الستيني إبراهيم يرى أن مشكلته أبعد من ترميم المنزل، إذ بلغت تكلفة إعادة إعمار منزله وترميم أضرار محله التجاري نحو 200 مليون ليرة سورية (نحو 15 ألف دولار) بالنسبة لشخص يمر منذ سنوات بظروف اقتصادية متردية كسائر السوريين، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وبحسبتقريرنشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب عام 2019، شهدت مدينة درعا دمارًا للمباني نتيجة القصف الذي تعرضت له على يد قوات النظام، وأحصى التقرير 224 مبنى مدمرًا كليًا، و498 مدمرًا بشكل بالغ، و781 مدمرًا بشكل جزئي، ليبلغ مجموع المباني المتضررة 1503 مبانٍ. 

وتختلف آلية التعاطي مع إعادة الإعمار من منطقة إلى أخرى، باختلاف المحافظات أيضًا، حيث تتولى بعض المحافظات ترميم المنازل ضمن مناطق معيّنة، وفق شروط تحددها بشكل مسبق. 

ويضطرمعظم أصحاب البيوت المتضررة إلى ترميمها على نفقتهم الخاصة ضمن عدة شروط، منها الحصول على موافقات أمنية، في حينتستقبلبعض المناطق طلبات لإعادة الترميم وفق شروط محددة أيضًا على نفقة المنظمات الخيرية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة