لمصلحتها بالتصعيد في غزة..

هل تسهل روسيا تحركات إيران في سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي- (رويترز)

camera iconالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي- (رويترز)

tag icon ع ع ع

لم يعد التركيز الغربي نحو الأحداث في أوكرانيا منذ 7 من تشرين الأول الماضي، إذ توجهت الأنظار منذ ذلك الوقت نحو التصعيد الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وهو ما خفف الضغط عن روسيا، التي بدأت تتشارك الرؤى بشكل جزئي مع إيران ضد الرواية الإسرائيلية في قطاع غزة.

ولا تعد روسيا من المنخرطين بشكل مباشر في التصعيد الإسرائيلي، وظهر الموقف الرسمي عبر المتحدث باسم “الكرملين”، دميتري بيسكوف، إذ صرح بأن موسكو “قلقة جدًا” من الموقف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، مضيفًا أن الأحداث هناك تشكل “خطرًا كبيرًا” على المنطقة الأوسع.

وكانت روسيا قد دعت إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري، وأبرزت ذلك عبر مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وبشكل فوري، ما قوبل بـ”فيتو” أمريكي.

أما على الصعيد غير الرسمي، تبرز تحركات تشير إلى مساهمة روسيا في إطالة أمد الصراع بين إيران أو وكلائها في سوريا ولبنان مع إسرائيل.

وفقاً لموقع “صوت العاصمة” المحلي، فقد حطّت طائرة تتبع لخطوط “ماهان إير” المرتبطة “بالحرس الثوري الإيراني” مطلع الشهر الحالي، في مطار “اللاذقية” الدولي قادمة من العاصمة الإيرانية طهران.

وأظهرت بيانات الطائرة عبر مواقع الملاحة الجوية وصولها إلى مطار “اللاذقية” والبقاء فيه لأكثر من ست ساعات لتعود بعدها إلى طهران، وفق الموقع الذي نقل عن “مصادر خاصة” من مطار “اللاذقية”، أن الطائرة المذكورة لم تكن تحمل أي ركاب وجرى تفريغها بحماية عسكرية روسية– إيرانية، تلاها خروج أربع سيارات شحن عسكرية من المطار باتجاه الطريق الدولي المؤدي إلى وسط وجنوبي سوريا.

وسائل إعلام إسرائيلية نقلت بدورها عن مصادر في مطار “مهرباد” في طهران، أن الطائرة حملت خمسة أطنان من الأسلحة إلى مطار “اللاذقية”، مرجحة أن تكون صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف.

وتزامنت هذه الأنباء مع إعلان إطلاق رحلات جوية من طهران إلى اللاذقية عبر شركة إيرانية وشركة “أجنحة الشام” السورية، وذلك بعد توقف رحلات شركة الخطوط الجوية السورية من طهران إلى دمشق، بسبب الأوضاع في فلسطين المحتلة، وضرب إسرائيل لمطاري “دمشق”، و”حلب”، وفق مانقلته وكالة “فارس” الإيرانية، في 5 من تشرين الثاني الحالي.

أنشأت موسكو قاعدة جوية تضم جزءًا من مطار “اللاذقية” المدني، تحت اسم قاعدة “حميميم” في أواخر 2015، بحيث يكون لها مهبط عسكري ومهبط مدني تابع للطيارات المدنية.

وتعتبر قاعدة “حميميم” مركزًا رئيسيًا ونقطة انطلاق للتدخل العسكري الروسي في سير العمليات القتالية في سوريا منذ بدء التدخل الروسي لصالح النظام السوري عام 2015، حتى وقعت موسكو عام 2017، عقد إيجار طويل الأمد، لمدة 49 عامًا للقاعدة.

ومنحت حكومة النظام السوري ثمانية هكتارات من الأراضي البرية، ومثلها من مياهها الإقليمية للروس، في 21 من كانون الثاني 2020، بهدف توسعة قاعدة “حميميم” العسكرية.

استبعاد التسهيلات العسكرية

رصدت المخابرات الأمريكية عملية تزويد جماعة “حزب الله” اللبنانية بنظام دفاع صاروخي روسي الصنع، بواسطة مجموعة “فاغنر” التي تعمل في سوريا.

ونقلت قناة “CNN” الأمريكية، في 2 من تشرين الثاني، عن مصدرين مطلعين على المعلومات الاستخبارية، أن مجموعة “فاغنر” التي تعمل في سوريا كُلفت بتسليم نظام الصواريخ أرض- جو “SA-22″، دون تأكيد فيما إذا كان قد تم تسليمه أو مدى قربه من التسليم.

من جانبها، نفت روسيا التقارير الأمريكية، إذ قال السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، ديمتري بيسكوف، إن التقارير الإعلامية حول نقل أسلحة روسية إلى “حزب الله” في سوريا من قبل شركة “فاغنر” العسكرية الروسية “لا أساس لها من الصحة”.

وأضاف، “قلنا سابقًا أن شركة فاغنر نفسها غير موجودة بحكم الأمر الواقع، لذا فإن كل هذه الحجج لا تستند إلى أي شيء”، وأن “هناك قنوات اتصال في حالات الطوارئ من خلال الجيش، إذا كانت هناك بالفعل مخاوف مبنية على شيء ما، فمن الممكن دائمًا نقلها إلى جيشنا”.

المحلل السياسي المقرب من الخارجية الروسية رامي الشاعر، قال لعنب بلدي، إن أي سماح لاستخدام هذا المطار من قبل جهة أخرى يعود للسلطات السورية، مضيفًا أنه إذا أرادت إيران فتح جبهة ضد إسرائيل من الأراضي السورية، فهذا يعود لقرار سوري- إيراني، وغير مطلوب إذن روسيا.

ووفقًا لمعلوماته، فإنه منذ عدة سنوات لم تهبط أي طائرة شحن عسكرية أو مدنية إيرانية في مطارات سوريا، لكن عندما سألت روسيا الإسرائيليين والأمريكيين عن سبب قصف المطارات السورية المدنية، كان الجواب أن الطائرات المدنية تنقل الأسلحة والمعدات العسكرية الإيرانية ضمن حقائب المسافرين المدنيين، وفق حديثه.

ويستبعد الدكتور نصر اليوسف، الخبير بالشأن الروسي، سماح روسيا لإيران بأن تنخرط بدور أكبر في التصعيد في جنوبي لبنان مع إسرائيل، أو أن تكون قد سمحت بنقل أسلحة عبر مطار “اللاذقية”، وفق ما قاله لعنب بلدي.

ولا يرجح اليوسف في الأساس نية “حزب الله” أو إيران الإقدام على أي تصعيد مع إسرائيل، بحسب التصريحات الصادرة على لسان أمينه العام حسن نصر الله، والتصريحات الإيرانية بعدم التدخل، مالم تتهدد مصالحها بشكل مباشر.

وكالة “بلومبيرج” الأمريكية، كشفت في 3 من تشرين الثاني، أن إسرائيل أوقفت الخط الساخن مع روسيا بشأن هجماتها في سوريا، معتبرة ذلك “تحولًا رئيسيًا في السياسة الإسرائيلية”.

وأضافت، نقلًا عن مصادر مطلعة، أن إسرائيل “لم تعد تحذر دائمًا روسيا، حليفة سوريا (النظام)، مسبقًا من الهجمات على الأراضي السورية”، مبينة أن “هذا التغير، إلى جانب الهجمات المتزايدة، يؤدي إلى تفاقم العلاقات المضطربة بالفعل بين إسرائيل وروسيا”.

وأفاد الشاعر أن العلاقات الروسية اليوم مع إسرائيل “متضررة بالأصل ومنذ زمن بعيد”، وتضرر العلاقات أيضًا ازداد بعد بدء “العملية العسكرية الروسية الخاصة” في أوكرانيا، والتي وقفت إسرائيل فيها إلى جانب أوكرانيا و”الناتو” ضد روسيا، واصفًا أن شكل العلاقات اليوم “دبلوماسية” فقط، أما بخصوص الخط الساخن العسكري فهو موجود، ولكن استخدامه “نادر جدًا”.

وحول ما إذا كانت قوة العلاقات الإيرانية وتراجع نظيرتها الإسرائيلية مع روسيا سيجعلها تتعاون مع إيران ضد إسرائيل، أجاب الشاعر أن روسيا تسعى نحو عالم متعدد القطبية، لذا لا يمكن أن تلجأ روسيا إلى اتباع سياسة أو نهج في بناء علاقة مع دولة على حساب أخرى.

دور وسيط

في 4 من تشرين الثاني الحالي، قال مركز “جسور” للدراسات، إن روسيا أعادت تسيير دورياتها جنوبي سوريا، بعد توقفها منذ أكثر من عام، حيث سيّرت دورية في 31 تشرين الأول الماضي، وتجوّلت بالقرب من الحدود مع الأراضي المحتلة جنوبي مدينة القنيطرة.

وفسّر المركز هذه الخطوة إلى رغبة روسيا في أخذ دور الوسيط لوضع حدّ للتصعيد العسكري بين إسرائيل والميليشيات الإيرانية عبر الجبهة السورية، لا سيما أن روسيا سبق أن أدت دور الضامن لخفض التصعيد في المنطقة الجنوبية كأحد مخرجات قمة “هلسنكي” الرئاسية مع الولايات المتحدة عام 2018، والقمة الأمنية الثلاثية التي جمعت إسرائيل وأمريكا وروسيا في القدس عام 2019.

ومنحت الحرب في غزة فرصة لروسيا من أجل تخفيف الضغوط الغربية عليها في أوكرانيا، فضلًا عن إعادة تأكيد دورها وحضورها كفاعل رئيسي في سوريا، حيث أظهرت قدرتها على التحكم بمستوى التصعيد على الجبهة السورية، من ناحية خفض وتيرته أو زيادتها، وفق المركز البحثي.

الخبير بالشأن الروسي، نصر اليوسف، يعتقد أن من مصلحة روسيا استمرار التصعيد في غزة لأن ذلك يلفت الانتباه لإسرائيل بعيدًا عن أوكرانيا، وذلك لأنه يفضل الأولى على الثانية.

واستشهد اليوسف بفكرة التفضيل، حين قدمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تمرير قرار منح مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل في “الكونجرس”، بينما طلب “الكونجرس” فصل ملف أوكرانيا عن إسرائيل، وصرح رئيس مجلس النواب الأمريكي للإدارة بضرورة تقديم ملف إسرائيل في البداية.

ووافق مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي على مشروع قانون منفصل لتخصيص ما يقرب من 14.3 مليار دولار كمساعدات لإسرائيل، دون أي إشارة إلى أوكرانيا.

المحلل السياسي المقرب من الخارجية الروسية رامي الشاعر، قال إن روسيا تتدخل أحيانًا للعب دور وسيط مثل الدور الذي لعبته قبل عدة سنوات بين إسرائيل وسوريا وإيران عندما كان الوضع “متوتر جدًا” في جنوبي سوريا، وتدخلت حينها لانسحاب التشكيلات العسكرية الإيرانية إلى مسافة تبعد 70 كيلومترًا.

وأشار إلى أن روسيا لا تسعى لأن يمتد الصراع في غزة، وتندلع حرب إقليمية في الشرق الأوسط، “لكن أصبح واضحًا بعد أحداث غزة أنه لا يمكن إنهاء أزمة الشرق الأوسط دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا ما أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عدة مناسبات”، على حد قوله.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة