البحرة يوضح لعنب بلدي محددات “الخطة الاقتصادية” شمال غربي سوريا

tag icon ع ع ع

حملت المرحلة التي تسلّم فيها هادي البحرة رئاسة “الائتلاف” السوري المعارض شعارين أساسيين، الأول إعادة توطيد العلاقة مع المجتمع السوري، والثاني النهوض بالشمال الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة، على الصعيد الخدمي والاقتصادي.

وبين العوائق والخيارات المتاحة، يسعى “الائتلاف” للوصول إلى أهدافه عبر إثبات وجوده في الداخل السوري، وتأمين بيئة مقنعة لرجال الأعمال من السوريين للاستثمار، وبالنتيجة تحقيق الهدف الثاني.

عنب بلدي أجرت حوارًا مع رئيس “الائتلاف” هادي البحرة، لنقاش المعطيات المتعلقة بأهدافه المعلنة، والمرتبطة بشكل وثيق بالعملية السياسية المعلّقة حول سوريا منذ سنوات.

لماذا اليوم؟

قال البحرة إن خطة “الائتلاف” المرسومة عندما تأسس في بدايته كانت أن يكون مقره الرئيس داخل سوريا، وأن تعمل مكاتبه في الخارج لشؤون العلاقات الخارجية والعلاقات الدبلوماسية، و”الدفاع عن قضايا السوريين”.

وأضاف أن الشروط المسهّلة لعودة “الائتلاف” نحو الداخل السوري بدأت مؤخرًا، نظرًا لتوقف العمليات العسكرية التي شهدتها الجغرافيا السورية على مدار السنوات الماضية.

كما أن الوضع التنظيمي للفصائل العسكرية كان مختلفًا في السابق، قبل أن تعمل “الحكومة المؤقتة” (ذراع “الائتلاف” التنفيذية) في الداخل، بحسب البحرة، الذي أشار إلى وجود “جيش وطني منظم”، ونشاط النقابات والاتحادات والروابط في الداخل السوري، إضافة إلى أن حاجات السوريين في الداخل تتطلب وجود “قيادة سياسية”، إلى جانب “الحكومة المؤقتة” كجهاز تنفيذي.

نمو ذاتي

وفي إجابة على أسئلة عنب بلدي، قال البحرة إن هناك “نموًا ذاتيًا” في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، إذ بدأ بعض سكان بإقامة مشاريعهم الخاصة على الصعيد التجاري أو الصناعي أو حتى السكني.

وأضاف أن خطة عمل للنهوض بالشمال السوري على الصعيد الاقتصادي، تأتي انطلاقًا من معاناة النازحين داخل سوريا، خصوصًا أن هناك بعض العائلات تعيش في المخيمات لنحو 13 عامًا، ولا يمكن لـ”الائتلاف” أن يقبل بحياة جيل كامل بهذه الطريقة.

وانطلاقًا من هذه المعاناة قال البحرة إن الخطوة الأولى بالنسبة لـ”الائتلاف” هي تأمين مساكن مؤقتة “لائقة بكرامة الإنسان” وتمكن ساكنيها من مجابهة الظروف الطبيعية الصعبة.

الجانب الاقتصادي والخدمي لا ينفرد فيه “الائتلاف”، بحسب البحرة، إذا أشار إلى عدة مشاريع أطلقتها منظمات المجتمع المدني السوري، إلى جانب برامج أخرى تنفذها الأمم المتحدة، وسط تحرك نحو استبدال الخيام بمساكن مؤقتة تتيح للأطفال على الأقل إمكانية العيش بـ”ظروف كريمة”.

واعتبر أن المساكن المؤقتة ستتيح فرصًا للأطفال لإكمال تعليمهم، وللشباب الباحثين عن حياة أكثر استقرارًا.

وحول الجهة الممولة لهذه المشاريع، قال رئيس “الائتلاف” إن “المسؤول الرئيس عن عمل هذه المشاريع في الداخل السوري بالمقام الأول هو الأمم المتحدة، خصوصًا أن حجم الأعباء “كبير جدًا، وأكبر من حجم (الائتلاف)، أو دولة منفردة”.

البحرة أشار إلى أن القضايا الدولية تتزاحم على ميزانيات الدول للمعونات الإنسانية، خصوصًا مع ظهور أزمات أخرى على جدول أعمال هذه الدول كما حدث في أوكرانيا قبل أكثر من عام، أو في أذربيجان قبل أشهر، أو “الأحداث المؤسفة التي شهدتها فلسطين مؤخرًا”.

ومن جانب آخر خفّضت بعد الدول من ميزانياتها في قطاع المساعدات الإنسانية الموجهة للشعب السوري “بنسب كبيرة جدًا” بسبب أزمات اقتصادية تمر بها.

وبحسب البحرة فإن حجم العجز في قطاع المساعدات خلال العام الحالي، بلغ حوالي 67%، أي أن المدنيين في مناطق شمال غربي سوريا يعيشون على مساعدات تشكل 33% من احتياجاتهم.

وفي ظل هذا العجز، توجد ضرورة للانتقال من مرحلة انتظار المساعدات إلى ما أسماه البحرة “مرحلة الانتاج” أي العمل على تعزيز القدرة الإنتاجية للمواطن السوري، وبالتالي أن نعتمد على أنفسنا قدر الإمكان تجنبًا لما يحدث من “كوارث إنسانية” في الداخل السوري.

العلاقة مع مشروع “العودة الطوعية”

يتقاطع المشروع الاقتصادي الذي أشار له رئيس “الائتلاف الوطني”، مع مشروع “العودة الطوعية” الذي سبق وتحدثت عنه تركيا مرارًا، عبر تأمين فرص العمل في سوريا، وتحقيق “بيئة آمنة” تسمع بعودة اللاجئين المقيمين في تركيا.

ويقيم في تركيا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوريا، وفق البيانات الرسمية، تتناقص أعدادهم تدريجيًا في ظل عمليات الترحيل التي تجريها تركيا منذ أكثر من عام.

وفي 13 من آب الماضي، قالت صحيفة “صباح” التركية إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وجه تعليمات لتنفيذ ما أطلقت عليه “نموذج حلب” الذي يهدف لإعادة اللاجئين إلى ديارهم.

ووفقًا للنموذج الذي تحدثت عنه الصحيفة المقربة من الحكومة، ستعمل تركيا على فتح الأعمال التجارية في “المناطق آمنة” (ريف حلب الشمالي، وجزء من الشرقي)، لتوفير فرص العمل للراغبين بالعودة.

وبناءً على التعليمات الصادرة عن الرئيس التركي في هذا الإطار، شُكلت آلية ثلاثية بين وزارة الداخلية التركية، وحزب “العدالة والتنمية” (الحاكم) وكتلته النيابية في البرلمان، للسير في الخطة.

البحرة اعتبر أن النهوض الاقتصادي والخدمي فيما يتعلق بالشمال السوري هو “توجه عام بالنسبة للائتلاف”، مبديًا دعمه لمفهوم “العودة الطوعية والكريمة” للاجئين السوريين في كل بلدان اللجوء.

وأشار إلى أن “الائتلاف” يدعم حق اللاجئ باللجوء أيضًا، وحقه بطلب الحماية، والتعامل معه بكرامة وإنسانية، وفق القوانين الدولية، إلى جانب رفض حالة “الإعادة القسرية” لأي لاجئ سوري، إذ يجب أن تبنى عودتهم على قرار اتخذوه بأنفسهم بناء على الظروف المتاحة في الداخل السوري.

الخطة الاقتصادية في الشمال السوري هي “توجه” بالنسبة للائتلاف، وليست مشروعًا متزامنًا مع مشروع تركيا في “العودة الطوعية” بالنسبة للاجئين السوريين، بحسب البحرة.

وأضاف أن “الائتلاف” يطمح أن يبدأ رجال الأعمال السوريون، والخبرات السورية، بالتفكير حول العودة إلى سوريا، والمشاركة في مشروع “النهوض بالشمال السوري”.

استثناءات جمركية للمدن الصناعية

خلال اجتماع مغلق سابق لأعضاء “الائتلاف” مع صحفيين وإعلاميين سوريين في 6 من تشرين الأول الماضي، قال فيه البحرة إن “الائتلاف” يطمح لتأمين “استثاءات جمركية” للمدن الصناعية في الشمال السوري، واعتبر حينها أن أهمية هذه الفكرة تأتي من ضرورة تقديم نموذج “ناجح” لما يمكن للسوريين فعله خارج إطار حكم النظام.

وفي مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” شمالي محافظة حلب، وجزء من شرقيها، يوجد خمس مدن صناعية شكّلت فرصًا للعمل بالنسبة لشباب سوريين.

البحرة قال، خلال حواره مع عنب بلدي، إن “الائتلاف” عقد عدة اجتماعات مع تجاريين وصناعيين في الشمال السوري للاستماع إلى المشكلات التي يعانون منها، والعقبات التي يجب تذليلها لزيادة إنتاجية السوريين، بالتالي زيادة إمكانية التصدير إلى خارج سوريا.

وأضاف أن “الحكومة المؤقتة” سعت سابقًا للسماح بعبور المنتجات (ترانزيت) من تركيا، كانت ممنوعة من العبور وفق القوانين التركية، ونوّه إلى أن هذا المنع تفرضه تركيا على صنف معين من البضائع على أراضيها، ولا تخص سوريا فيه.

ويبيّن تعميم صادر عن وزارة التجارة التركية رقم “21/2021″، والمحدث في 27 من أيلول الماضي، قوائم البضائع والمواد التي تُستورد من الشمال السوري أو تُصدّر إليه أو تمر من تركيا (ترانزيت) خلال نقلها إلى دول أخرى، والتي تُمنح “خدمات جمركية”، والمواد التي لا يمكن منحها هذه “الخدمات”.

البحرة قال إن “الحكومة المؤقتة” تسعى لحل بعض العقبات المتعلقة بمشكلات الاستيراد والتصدير ذات الصلة بقوانين العقوبات الدولية، إذ يمنع استيراد بعض المواد من الاستيراد مثل “الكلور” الذي يدخل بإنتاج المشروبات الغازية، مثلًا.

إصلاحات تمهيدًا لإنشاء “بيئة آمنة”

لطالما اعتبرت حالة التوتر الأمني الذي يعيشه الشمال السوري، والاقتتالات الداخلية بين الفصائل العسكرية المنضوية تحت راية “الجيش الوطني السوري” أحد مسببات مخاوف سكان المنطقة، وأصحاب العمل فيها، وهو ما أكده البحرة خلال حديثه لعنب بلدي.

وفي الوقت نفسه، أشار رئيس “الائتلاف” إلى أن الأمن مهم بالنسبة لأي رجل أعمال، أو شخص ينوي تنفيذ مشروع في الشمال، لكن لا يمكن الانتظار لإقامة “بيئة آمنة بنسبة 100%” بحسب البحرة، نظرًا للأوضاع غير المستقرة داخل سوريا.

لكن بإمكان المنطقة المسير نحو “المنطقة الآمنة” بدءًا من الآن، وبالنسبة إلى أي نمو اقتصادي قد تحققه المنطقة، فإن عودة رجال الأعمال إلى سوريا هي “طوعية بالكامل” بالتالي سيكون هناك استثمارات بالمنطقة.

وأشار إلى أنه على الرغم من الظروف الصعبة الحالية لا يزال هناك من يستثمر في المنطقة، مشيرًا إلى العديد من المصانع التي تصدر منتجاتها خارج سوريا، سبق وزارها خلال وجوده في الشمال السوري، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

البحرة اعتبر أن توجه “الائتلاف” و”الحكومة المؤقتة” في الوقت الراهن، هو جلب المزيد من السوريين من رجال الأعمال والمستثمرين نحو الداخل السوري، لتوسيع هذا النوع من العمل الاقتصادي، وتوجيه البرامج الإغاثية الدولية لتعزيز القدرات الانتاجية، وتأمين منح، وقروض صغيرة، لمناطق شمال غربي سوريا، عوضًا عن الاعتماد على المعونات الإغاثية.

مرحلة جديدة

خلال لقاء عقده “الائتلاف” في حي فلوريا بمدينة اسطنبول التركية مع صحفيين وإعلاميين سوريين، حضره رئيسه الجديد هادي البحرة، طُرحت خطة عمل جديدة تهدف لـ”النهوض بالشمال السوري”، بحسب ما جاء على لسان البحرة خلال الاجتماع.

وتطرق البحرة حينها إلى العديد من النقاط خلال اللقاء الذي شهده مقر “الائتلاف” باسطنبول، في 6 من تشرين الأول الماضي، كان أبرزه خطة تحمل جانبًا اقتصاديًا وخدميًا في مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” (المظلة السياسية لـ”الجيش الوطني السوري”) شمالي محافظة حلب.

إلى جانب تطورات الملف السوري على الصعيد السياسية في أروقة الاجتماعات الدولية مع المعارضة السورية.

ويرى البحرة أن المرحلة المقبلة ستكون “مرحلة شفافة” بين مؤسسات المعارضة والسوريين، إذ سيتاح الاطلاع على نشاط وعمل هذه المؤسسات، كما سيُعزز تواصلها مع وسائل الإعلام السورية لتسهيل وصول القراء للمعلومات المتعلقة بنشاط المؤسسات نفسها.

وكانت الهيئة العامة لـ”الائتلاف” انتخبت هادي البحرة، الذي شغل عدة مناصب سياسية في المؤسسات والهيئات السياسية للمعارضة السورية بعد العام 2011، رئيسًا للتشكيل المعارض.

وحل المرشح الثاني للرئاسة إلى جانب البحرة، هيثم رحمة، بمنصب الأمين العام لـ”الائتلاف”، بينما توافق الأعضاء على ثلاثة نواب لرئيس الائتلاف وهم: ديما موسى، وعبد الحكيم بشار، وعبد المجيد بركات.

ويشغل هادي البحرة اليوم منصب رئيس “الائتلاف” السوري المعارض، والرئيس المشترك لـ”اللجنة الدستورية السورية”، وسبق أن شغل منصب رئيس “الائتلاف” عام 2014، ثم عضوًا في الهيئة السياسية لـ”الائتلاف”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة