مطالب بمعبر بين السويداء والأردن.. عمّان غير راغبة

مقاتل من فصيل حركة رجال الكرامة في السويداء جنوبي سوريا- 11 من آب 2022 (رجال الكرامة/ فيس بوك)

camera iconمقاتل من فصيل حركة رجال الكرامة في السويداء جنوبي سوريا- 11 من آب 2022 (رجال الكرامة/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسام المحمود

أعادت تصريحات وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، في 22 من كانون الأول الحالي، الحديث عن معبر منشود بين محافظة السويداء والأردن، في ظل رغبة أبناء المحافظة بالتوصل لاتفاق من هذا النوع على أمل تحقيق نوع من الانتعاش الاقتصادي للمحافظة.

المعايطة قال في تصريحات لشبكة “السويداء 24″ المحلية، تعقيبًا على إمكانية إقامة معبر اقتصادي بين سوريا والأردن، من جهة السويداء، والحديث عن تولي جهات محلية للجانب السوري من المعبر، إن الفكرة غير مطروحة في الأردن، ولا تداولات رسمية بهذا الصدد.

كما أكد المعايطة أن الأردن يفضّل التعامل مع جهات رسمية، كون المعابر تحتاج إلى جهات رسمية أمنية، للرقابة على البضائع والجمارك، وغيرها من الإجراءات.

ولا يعتبر طرح فكرة إقامة المعبر الاقتصادي جديدًا، على الأقل بالنسبة للسويداء التي دعت لهذه الخطوة منذ آب الماضي، حين صدر بيان مشترك عن شيخي عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز، حمود الحناوي، ويوسف جربوع، طالب ما وصفها بـ”القيادة” بمجموعة مطالب في سبيل التوصل لاتفاق ينهي احتجاجات المدينة الثائرة المستمرة منذ 20 أسبوعًا.

وتضمن البيان جملة مطالب لم تتحقق، منها تغيير حكومي، وإعادة دراسة تشغيل معبر حدودي للمحافظة، لإنعاشها اقتصاديًا، إذ تعاني السويداء، كمختلف مناطق سيطرة النظام، ترديًا في الواقع الاقتصادي والمعيشي، ما دفع بأبناء المحافظة للتظاهر تنديدًا بالقرارات الاقتصادية التي تلخصت برفع قيمة الرواتب، ورفع أسعار المحروقات بما لا يتناسب وقدرة المواطن المالية، قبل أن تتحول المطالب من الدعوة للتحسين الاقتصادي إلى التغيير السياسي وإسقاط النظام.

ورغم حالة الاحتجاجات والتجاهل السوري الرسمي والإعلامي لها، فالمحافظة لا تمتلك كفاية اقتصادية تغنيها عن العاصمة أو المحافظات الأخرى، ولا سيما القريبة منها، كما أن حالة التوتر الحدودي بين سوريا والأردن لم تحقق لأبناء السويداء هذه الفكرة المأمولة بعد، رغم تظاهرات سابقة جرت في 2022، طالبت حينها بالإصلاح الاقتصادي، لكن دون جدوى.

عوامل مؤثرة

تطالب عمّان جارتها دمشق منذ أشهر بضبط الحدود، ووقف محاولات تهريب المخدرات إليها، عبر المعابر الرسمية وغير الرسمية، وبدا ذلك بوضوح في “المبادرة الأردنية” التي تضمنت صراحة مسألة تهريب المخدرات، وهو ما انعكس سلبًا على الأرض، فالتهريب لم يتوقف، بل تصاعدت المحاولات، وبدا تهديدها أكبر مع دخول السلاح على الخط، وحصول اشتباكات توقع قتلى على الشريط الحدودي، بالإضافة إلى ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة المعدة للتهريب إلى داخل المملكة.

وفي 27 من كانون الأول الحالي، أعلنت مديرية الأمن العام الأردني بدء عملية أمنية موسعة في منطقة الرويشد (شمال شرقي الأردن)، لملاحقة مهربي وتجار المخدرات المرتبطين بعصابات إقليمية تنشط عبر الحدود لتهريب المخدرات والسلاح.

المديرية أوضحت أن العملية الأمنية تأتي في سياق جهود الدولة المتواصلة للوقوف في وجه عصابات المخدرات، بالتنسيق مع القوات المسلحة والأجهزة المعنية، وهدفها القضاء على الخارجين عن القانون ممن امتهنوا تهريب المخدرات والاتجار بها داخل المملكة.

وتمكنت القوات الأمنية الأردنية خلال عملية منفصلة من إلقاء القبض على تسعة مهربين، لم تحدد جنسيتهم، وضبطت أكثر من 720 ألف حبة مخدرة، و1565 كف حشيش، إضافة إلى 21 سلاحًا ناريًا.

وفي 19 من كانون الأول الحالي، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، اللواء الركن يوسف الحنيطي، إن جيش بلاده استخدم جميع الإمكانات والقدرات والموارد، لمنع عمليات التسلل والتهريب والتصدي لها بالقوة، للحفاظ على أمن الوطن واستقراره وسلامة مواطنيه.

ونقلت قناة “المملكة” الأردنية عن القوات المسلحة، أن قوات حرس الحدود وبالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات والأجهزة الأمنية العسكرية، اشتبكت مع “مجموعات مسلحة” حاولت اجتياز الحدود نحو الأردن بطريقة غير شرعية من الأراضي السورية.

وأضافت أن الاشتباك انتهى بعد 14 ساعة، وأسفر عن مقتل واصابة عدد من المهربين واعتقال تسعة منهم، وضبط “كميات كبيرة” من المخدرات، والأسلحة الأوتوماتيكية والصاروخية.

لماذا يرفض الأردن؟

الباحث في العلاقات الدولية عامر السبايلة، أوضح لعنب بلدي أنه رغم تعاظم الأصوات التي تتحدث عن فكرة المعبر، وحتى عن “دولة درزية” في الجنوب، فإن الجغرافيا تبقي الأردن في محط الأنظار أمام أي تغيرات مقبلة، وعمّان لا تفضّل أن تكون جزءًا أو على تماس مباشر مع أي شيء غير رسمي، لكنها تملك علاقات مهمة مع السويداء، ورغم ذلك فالأردن الرسمي لا يرغب أن يكون بوابة لبدء هذه التغييرات أو التأسيس لها.

وقال السبايلة، إن الأردن ورغم كل المخاطر القادمة من الأراضي السورية فإنه مصر على أن وجود جيش نظامي في المنطقة أفضل من وجود ميليشيات، ووجود نظام رسمي أفضل من وجود كيانات أو تركيبات غير رسمية.

واعتبر الباحث أن فكرة وجود “كيان منفصل” في الجنوب، رغم وجود دولة، ونظام يسيطر على العاصمة، لن يكون مقبولًا، دون أن يمنع ذلك وجود تواصل مع السويداء، لأن هناك امتدادًا درزيًا بين البلدين، لكن قبول الأردن بمعبر حاليًا في الوقت الذي تمر به المنطقة بمخاض كبير وتوتر بالوضع الأمني وتهديد غير مسبوق غير وارد، وأي مراهنات في هذه المرحلة قد تكون خاسرة.

ويرى السبايلة أن الأردن يفضّل الحفاظ على التوازنات القائمة ودفع النظام السوري للتعاون أكثر فيما يتعلق بالميليشيات والتهريب.

الفوضى الأمنية وحالة الفلتان الحدودي من الجانب السوري ألقت بانعكاساتها على علاقة دمشق وعمّان، إذ ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط“، في  20 من كانون الأول الحالي، أن مضاعفات الحالة الأمنية على الحدود الأردنية- السورية انعكست سياسيًا على مستوى الاتصالات بين الجانبين، التي باتت شبه مقطوعة.

وأوضحت الصحيفة أن عمان أبدت انزعاجها في أكثر من مناسبة من عدم إيفاء الجانب السوري بالتزاماته العسكرية والأمنية على الحدود “المحمية من جانب واحد”.

كما ترى مراكز قرار أمنية أردنية أن عدم جدية دمشق في وضع حد للميليشيات، هو الوجه الآخر لتصدير أزمات النظام باتجاه دول الجوار.

وحالة عدم الترحيب الأردني بمعبر مع السويداء، نقلها الوزير الأسبق المعايطة، الذي اتهم في مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية، في أيلول الماضي، النظام السوري بالتورط المباشر في مسألة تهريب المخدرات.

وقال المعايطة، إن “النظام السوري يتحدث بلغة مماطلة، والأسد قال في لقاء رسمي لدينا فساد ورشوة وغير قادرين على الضبط، لكن الحديث هذا غير صحيح”.

وأضاف، “دولة تدعي أنها انتصرت في الحرب، وانتصرت على المعارضة وكل شيء، لا تستطيع أن تمنع، هذا كلام غير منطقي”، معتبرًا أن “الكبتاجون” اقتصاد لـ”الدولة السورية” والنظام السوري، وعائلة رئيس النظام السوري المباشرة، وميليشيات ومؤسسات في الجيش، وهذا يعني إدراك الأردن صعوبة التوصل لتفاهمات مع النظام أيضًا بمسائل الحدود، بعدما أثبتت المسارات السياسية، كـ”المبادرة الأردنية”، عدم جدية النظام في تنفيذ الالتزامات المطلوبة منه عربيًا وإقليميًا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة