مليون ليرة فقط.. سقف الحوالات الداخلية يرهق السوريين

شركة التحويل في القامشلي بالحسكة – 21 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ مجد السالم)

camera iconشركة التحويل في القامشلي بالحسكة – 21 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

صار تحويل الأموال بين المحافظات السورية مشكلة يعاني منها السكان المضطرون إلى تحويلها لأغراض متعددة، سواء في عمليات البيع والشراء أو تأمين مصاريف العلاج والدراسة وغيرها، خاصة بعد تحديدها بمليون ليرة سورية.

مصدر في شركة “الهرم” باللاذقية أوضح لعنب بلدي أن سقف الحوالات الداخلية تحدد بمليون ليرة (67 دولارًا) في جميع شركات الحوالات، وهذا غير مقتصر على “الهرم”.

وسجل سعر مبيع الدولار الأمريكي الواحد أمام الليرة السورية 14900 ليرة اليوم، الاثنين 22 من كانون الثاني، وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات.

محمد العليوي (36 عامًا) من ريف القامشلي تعاني والدته من مرض السرطان، قال لعنب بلدي إنه عانى “كثيرًا”، في تحويل المبالغ اللازمة لعلاج والدته إلى دمشق.

وأضاف أن بعض التحاليل كلفته نحو 15 مليون ليرة سورية، وكان من الضروري تحويل كامل المبلغ، وعندما ذهب إلى أحد شركات التحويل، قال له الموظف إن أقصى مبلغ للتحويل هو خمسة ملايين ليرة سورية، وعندما رجع في اليوم التالي لتحويل قسم آخر، كان أعلى مبلغ مسموح تحويله هو مليون ليرة سورية فقط.

وذكر أن سقف التحويل غير محدد وهو يتغير كل فترة، ولتحويل المبلغ المطلوب أجرى نحو سبعة تحويلات على مدى عشرة أيام، معتبرًا التأخير معاناة كبيرة وإضافية في الإسراع بتأمين علاج لوالدته.

حسبما علمت عنب بلدي من عدة مواطنين أرسلوا حوالات مالية إلى دمشق فإن موظفي الشركة يجرون معهم “ما يشبه التحقيق” عن مصادر تلك الحوالات وفيما إذا كانت خارجية وما صلة القرابة بينهم وبين الشخص الذي تحول له هذه الأموال، وما هو الغرض من تحويلها.

وأوضحوا أن ذلك يجعلهم يشعرون بالخوف والتوتر والقلق بالرغم من إنها حوالات “عادية”، كما أن بعض موظفي الشركة يجرون اتصالات مباشرة مع “المرسل إليه” ويسألونه فيما إذا كان يعرف الشخص المرسل حقًا.

حلول يلجأ إليها المواطن

لم يكن أمام سامي العلي (37 عامًا) من القامشلي حل سوى أن يقسِّم مبلغ الأربعة ملايين ليرة سورية التي يجب أن يرسلها إلى أخويه اللذين يدرسان في جامعة “دمشق” (طالب في كلية الطب البشري والآخر في كلية طب الأسنان) بين شخصين يعرفهم من المدينة.

ويحوّل كل واحد منهما قسمًا من المبلغ، لكن ذلك الحل بنظر سامي ليس متاحًا دائمًا، لأن البعض يخشى من تحويل الأموال باسمه ويخاف من المساءلة، ما يضطره للبحث عن أشخاص جدد في كل مرة يريد فيها تحويل الأموال.

حل آخر قد يلجأ إليه المواطن حسبما رصدت عنب بلدي وهو أن يُجزّء الشخص المبلغ وإرساله عبر أكثر من شركة في ذات اليوم، ولفت سامي إلى أن هذا الحل قد لا ينجح دائمًا لأن بعض الشركات توقف عمليات التحويل بحجة عدم وجود شبكة.

عملة نقدية سورية من فئات مختلفة (عنب بلدي)

عملة نقدية سورية من فئات مختلفة (عنب بلدي)

مشكلات تتعلق بحالة النقود

سامي أضاف لعنب بلدي بأن الشخص إذا استطاع حل مشكلة تحديد سقف الحوالة فإن مشكلة أخرى قد تواجهه، وهي رفض شركات التحويل استقبال النقود من فئة الـ500 ليرة، ومن فئة الـ1000 ليرة سورية إذا كان إصدارها قديمًا.

وذكر أن بعض الشركات تشترط حتى أن تكون جميع النقود من فئة الـ2000 والـ5000 ليرة سورية.

جراء ذلك، غالبًا يلجأ من يريد تحويل النقود إلى تبديل العملات بالفئات المطلوبة عن طرق مكاتب الصرافة ودفع عمولة لقاء ذلك.

اقرأ أيضًا: الأسد يضبط سوق العملات الأجنبية بالمرسومين “5” و”6″

تدقيق علني وبالحيلة

من جهتها، قالت موظفة في شركة تحويل بالقامشلي (طلبت عدم الكشف عن اسمها واسم الشركة لأسباب أمنية) لعنب بلدي، إن الشركات مجبرة على اتباع هذه الإجراءات، فسقف التحويل اليومي المسموح به لكل شركة يزيد وينقص ويتغير كل فترة “أحيانًا من يوم إلى آخر”.

كما يُطلب من الشركة التأكد من مصدر الحوالة المرسلة فيما إذا كانت خارجية، لأنه إذا ثبت ذلك فإن المرسل يتهم بـ”تمويل الإرهاب وغسيل الأموال”.

الموظفة كشفت عن حيلة تلجأ لها الشركات لكشف مصدر الحوالة “عندما يطلب موظف الشركة رقم هاتف المرسل إليه من الشخص المرسل، فإنه يقوم بأخذ هاتف الشخص المرسل بحجة نقل رقم الجوال، لكنه في الحقيقة يقوم بمراجعة الدردشة بشكل سريع عبر تطبيق “الواتساب”، والتي غالبًا ما يكون المرسل ينقل منها البيانات، فيعرف من خلال الدردشة أحيانًا أن الحوالة قادمة عبر شركة معينة غير مرخصة من قبل الدولة وبالتالي هي خارجية.

وفيما يخص عدم قبول النقود من فئة الـ500 والـ1000 ليرة الإصدار القديم، أوضحت الموظفة أن ذلك يعود إلى انهيار قيمة العملة السورية مقابل الدولار “فلا يعقل قبول مبلغ خمسة ملايين بهذه الفئة لأن حجمها سيكون مضاعف وتحتاج إلى أماكن تخزين أكبر وعمليات نقل مكلفة ومرهقة”.

ولفتت إلى أن العملة من الإصدار القديم غالبًا متهالكة وممزقة ويصعب عدها بواسطة العدادات، وتحتاج إلى وقت طويل من أجل ذلك، فلا يمكن قبولها لأنها ستخلق مزيدًا من “الازدحام والمشكلات”، في شركات التحويل.

وأصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 20 كانون الثاني الحالي، مرسومًا نص على أن الصرافة غير المرخصة وتحويل العملات بين سوريا والخارج دون ترخيص، يعاقب عليهما بالسجن من 5 إلى 15 سنة، وغرامة قد تكون ثلاث مرات قيمة المبالغ المضبوطة، لا يجوز إخلاء سبيلهما.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة