“أطفال سوريا شهود الحرب”.. توثيق لسنوات الجمر

كتاب أطفال سوريا شهود الحرب للمصور السوري بسام خبية (تعديل عنب بلدي)

camera iconكتاب أطفال سوريا شهود الحرب للمصور السوري بسام خبية (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تلعب الصورة الفوتوغرافية أدوارًا عديدة، عبر عدسة الكاميرا يمكن إيقاف الزمن لثانية لتسجيل وحفظ واقعة اعتداء أو منظر طبيعي، أو لحظة حب بين عاشقين، يُختزل الزمن حينها بإطار واحد يمكن أن يروي ما لا يُروى، ويتحول للوحة فنية يمكن أن تعلق على حائط ما.

اللحظة الزمنية المجمدة التي تنقلها عدسة الكاميرا، وبقدر ما تحمله من تفاصيل جمالية، يمكن لها كذلك أن تحمل مشاعر أخرى، ترتبط بالألم والمعاناة والذاكرة، والطفولة الضائعة، وهذه اللحظات الصعبة عاشتها سوريا بالفعل خلال سنوات طويلة، بفعل المعارك العسكرية والحصار والاعتقالات.

في هذه اللحظات تتحول الكاميرا وعدستها للحظة توثيق لحفظ الألم وحث الذاكرة على ألا تنسى، وتتحول لدافع ودليل لإثبات القسوة التي عاشها السوريون، هذه بعض المشاعر التي قد تنتاب القارئ، ومحبي التصوير الفوتوغرافي لدى اطلاعهم على كتاب “أطفال سوريا- شهود الحرب”، الصادر عن “مؤسسة كرم”.

يحتوي الكتاب على مئات الصور لسوريا خلال السنوات الماضية، ومع كل صورة هناك حكاية قصيرة تروي تفاصيلها، أين ومتى وكيف ولماذا، صور فنية في ظاهرها ومؤلمة في مضمونها، توثق سنوات الجمر والحرب والغبار المستمرة على الأقل منذ 12 عامًا في سوريا.

التقط الصور على مدى سنوات المصور السوري بسام خبيه، أحد سكان مدينة دوما في الغوطة الشرقية التابعة لمحافظة ريف دمشق، والتي لا تبعد عن العاصمة سوى عدة كيلومترات.

من الجيد في الكتاب مراعاته لغير الناطقين باللغة العربية، إذ نجد إلى جانب كل صورة تاريخها ووصفها باللغتين العربية والإنجليزية، فيما احتوت الصفحة الأولى على صورة من خرائط “جوجل” لتوضيح المكان الجغرافي للغوطة ودوما ومدى قربهما من العاصمة دمشق.

عندما بدأت الثورة السورية في عام 2011، كان بسام خبيه يبلغ من العمر 24 عامًا وتخرج في كلية الهندسة المعلوماتية، وفق لقاء ورد في الكتاب وأجرته الصحفية علياء مالك.

لا يتعلق إبداع المصور بمضمون الصورة العام (الكادر واللون فقط)، فلكل مصور بصمته وزاوية رؤيته وتفاصيل يحاول جاهدًا أن تكون موجودة كبصمة في كل صورة له، وفي حالة خبيه، فإن الحياة والموت عنصران يشكلان القاسم المشترك لكل الصور تقريبًا.

الكتاب وثيقة تاريخية وفنية مؤلمة لما حصل في الغوطة الشرقية، بالقرب من دمشق، ويمكن من خلاله فهم ما حصل في مدن أخرى حتى لو لم تحضر بأي صورة، لأن ما جرى في تلك المنطقة من حصار وتهجير وقتل واعتقالات وسيطرة لفصائل عسكرية امتلكت زمام القرار عن الناس وتحكمت بمصيرهم، هو ما حصل في مناطق أخرى في سوريا، سواء تلك التي نجح النظام بالسيطرة عليها لاحقًا أم التي لا تزال خارج مناطق سيطرته.

مئات الصور في كتاب، تختصر قيم الإنسان، وتصلح كوثيقة ربما على الهيئات والمنظمات الدولية أن تعلقها في أروقة مكاتبها، علّها تشكل مانعًا لتكرار مآسٍ أخرى في المستقبل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة