“قصائد” للتفاصيل التي قد لا يتناولها الشعر

tag icon ع ع ع

يقترب ديوان الشاعر السوري نزار قباني “قصائد” خطوة أكبر من الواقعية، من حيث الموضوعات التي يتناولها، فيبتعد في وقت معيّن عن الرومانسية التي تصبغ شعره، ليعالج موضوعات وقضايا مجتمعية لا تزال مثار جدل حتى الوقت الحالي.

وبالنظر إلى توقيت الديوان الذي صدر عام 1956، أي بعد ست سنوات من صدور ديوان “أنت لي”، ثم تبعته استراحة شعرية غاب خلالها قباني خمس سنوات ليعود بديوان “حبيبتي”، يتضح البعد التأملي لما جاء في الديوان من قصائد تتناول موضوعات قلما تُثار بقالب شعري.

هنا يفتح نزار قباني باب النقد ويخرج الحب والعواطف من مرحلة الانبهار إلى مرحلة اكتشاف العيوب وما يعقبها من نقد، فوجّه إحدى قصائده “إلى ساذجة”، وأخرى “إلى ميتة”.

كما انتقد “العواطف المأجورة”، وقرّب العلاقات العاطفية من الوقائع أكثر في قصيدة “إلى أجيرة”، التي بيّن خلالها حالة غلبة المال على العاطفة، والمادي على الروحاني، والملموس على المحسوس، باعتبار أن المال كان وسيلة لجذب بطلة القصيدة، لا الحب.

ويوضح نزار قباني حالة الخذلان التي تطفو على السطح في وقت ما من عمر بعض العلاقات، بما يشبه الاعتراف بأن الحب ليس كلمات الحب، ولا يقف عندها فقط، فقصيدة “حبلى” مثلًا، تحكي خذلان سيدة أنكر حبيبها طفلهما الذي تحمله في أحشائها، ودفعها نحو الإجهاض، بينما تتناول “أوعية الصديد” تعاملًا غير لطيف وفجًا تجاه الشريكة في العلاقة الحميمة، فالرجل هنا أناني، وربما همجي ولا يكترث لراحة غيره.

الديوان الذي ضمّ 36 قصيدة، شكّلت ثلاث قصائد منه مصدر إغراء لفنانين عرب، لتحويلها لأغنيات تطيل عمر النص وتوسع دائرة انتشاره، فغنّت ماجدة الرومي قصيدة “مع جريدة”، و”طوق الياسمين”، كما غنى كاظم الساهر “رسالة حب صغيرة”.

“قصائد”، ببساطة العنوان الذي لم يحمل اسم أي مما ورد فيه، تناول التفاصيل التي قد لا تعني الرجل مقدار ما تعني المرأة، والتفاصيل التي قد يعني الرجل انتباه المرأة إليها، فكتب لـ”الجورب المقطوع”، و”القميص الأبيض”، و”رباط العنق الأخضر”.

كما ألقى الضوء منذ ذلك الحين على العلاقة المثلية، فتناولها وصوّرها وجسّدها وناقشها شعريًا في قصيدة “القصيدة الشريرة”.

36 ديوانًا من الشعر، و12 كتابًا في النثر، بما فيها كتاب يروي السيرة الذاتية لقباني حمل اسم “من أوراقي المجهولة”، إلى جانب مسرحية بعنوان “جمهورية جنونستان”، كل ذلك كان إنتاج نزار قباني في حياة بدأت عام 1923، وانتهت ماديًا عام 1998، وتنوعت بين التاريخين مواضيع القصيدة، وناورت بين السياسة والحب والغضب والثورة والمرأة في البدء والخاتمة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة