“إمبراطورية فسادستان”.. السخرية والترميز في مواجهة الظلم

tag icon ع ع ع

أصدرت دار “نون 4” للنشر والطباعة والتوزيع رواية للصحفي السوري غيث حمور “إمبراطورية فسادستان”، في حزيران الماضي، وفيها يروي الكاتب حكاية “فسادستان” عبر مجموعة من الشخصيات، أبرزها “كركوز وعيواظ”.

الرواية المكونة من 154 صفحة من القطع الصغير، تروي بسخرية حكاية الملك وحماره، وأدوات القمع المتعددة التي تستخدمها السلطة لقمع شعبها دون حدود، إذ يحول الظلم حياة الناس إلى جحيم يدفعهم، في بعض الحالات، للانتحار كحل للخلاص من العذاب.

يستخدم غيث حمور السخرية سلاحًا لمواجهة القمع الذي يطال الجميع بلا استثناء، حتى الشخصيات المستمدة من الخيال والتراث الشعبي في الشرق (كركوز وعيواظ)، ورغم انعدام وجودها، تلاحقها السلطة للقبض عليها.

هنا يظهر دور الفنون، بما في ذلك القصص التي ترويها شخصيات خيالية، كعامل تحدٍّ وسلاح في وجه الدكتاتور، أيًا كان وفي أي زمان ومكان، فالحكايات قادرة دائمًا على تفادي سقف الرقابة والخطوط الحمراء، لذا من الطبيعي والمنطقي أن يلاحق جهاز أمني شخصيات خيالية.

يسلّط الكاتب الضوء على مستوى ثقافة ووعي ضابط يُصدر أمرًا بملاحقة شخصيات من الخيال، وملك يعيّن حمارًا يتم استغلاله لقمع الناس، في محاكاة تحاول الرواية عبرها إدانة الظلم، عبر عالم خيالي بالكامل، ومقتبس من الواقع بالكامل.

تحاول الرواية شرح شكل الشخصيات التي تحكم البلاد، وتفكيك طريقة تفكيرها وتصوراتها عن الحكم والمجتمع وبنيته، ومن خلال الأسماء وتصرفات هذه الشخصيات، يمكن ببساطة وسهولة ربط شخصيات من النظام السوري بالرواية ومعرفة من المقصود، ضمن عالم المخابرات السورية وأفرعها التي اختصت عبر سنوات بتعذيب آلاف السوريين.

قد لا تكون الرواية أفضل ما أنتجه الأدب السوري بعد الثورة السورية، على صعيد الكتابة الساخرة أو الحبكة والشخصيات، لكنها تجربة يمكن الوقوف عندها لإنتاج مزيد من الروايات والأعمال الأدبية التي تلجأ للرمز خشية المنع، والخروج من إطار الحكايات المتكررة منذ 12 عامًا، هو عمر الثورة السورية، كما أنها توثيق أدبي لمرحلة طويلة عاشتها سوريا تحت سلطة المخابرات وأجهزتها، وتستحق أن توثّق بروايات أخرى.

وسبق أن أنتج غيث حمور المولود في 1982 بدمشق كتابين، الأول رواية “أبيض قانٍ” في 2022.

والثاني هو “ثقافة الهيمنة في ظل الأنظمة الشمولية- السينما السورية بعد 2011 نموذجًا”، الذي صدر في العام الحالي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة