“استيقظ كي تحلم”.. خاتمة الشعر في حياة مريد البرغوثي

"استيقظ لتحلم".. خاتمة الشعر في حياة مريد البرغوثي
tag icon ع ع ع

يشكل ديوان “استيقظ كي تحلم” الديوان الأخير للشاعر الفلسطيني الراحل مريد البرغوثي، وقد منحته بعض القصائد الطويلة، والشخصيات التي اتخذها موضوعات للقصائد، والعودة إلى الخلف للحديث عن الواقع، شرف أن يكون هذا الديوان خاتمة الشعر المطبوع للبرغوثي.

في الديوان لغتان يمكن التمييز بينهما على أساس الغنى العاطفي للنص، وقربه أو بعده عن الواقع، الذي يتحول إلى ضيف شرف عند الحديث عن الشخص في النص.

ولغتا مريد البرغوثي في الديوان هما لغة للمراثي ولغة للحاضر، فالأولى، وإلى جانب غناها الإنساني والوجداني ولغتها الرفيعة بما يليق بمن تنشد تخليدهم، فهي لغة ذاتية صادقة، تؤكدها طبيعة العلاقة التي جمعت الشاعر بمن يرثيه، إذ كتب قصيدة “كشرفة سقطت بكل زهورها” في رثاء الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وجاءت في 16 صفحة، قالت باختصار إن درويش فقيد كل بيت وكل عائلة فلسطينية.

كما رثى زوجته الروائية رضوى عاشور بـ”وثيقة”، عنونها بـ”افتحوا الأبواب لتدخل السيدة”، وقال في مطلعها، “من ينشغل بحزنه على فقد المحبوب، ينشغل عن المحبوب”.

وككل أعمال مريد البرغوثي، فالقضية الفلسطينية أساس ومغزى ومبرر للنص، حتى النصوص التي لم تذكر فلسطين صراحة، طالما أنها لم تستبعدها من الخلفية، فالنصوص النثرية تحت عنوان “منطق الكائنات”، وهي تتمة لديوان أصدره عام 1996، تتيح للجامد الحديث عن المتحرك، فتشكو الأشياء من البشر، وتنتقد تخليًا عن القيم النبيلة.

وفي قصيدة أخرى تتحدث عن مقتل طفلة دخلت للتو عامها الثاني، قال البرغوثي،

“ستحكي، أوشكت أن تنطق اسمي

قال والدها ويكذب

فالقذيفة سوف تضرب أولًا

والبنت ماتت

دون أن تتعلم اللغة التي كتبت لها هذا الرثاء”.

كتب الشاعر قصائد ديوانه في رام الله والقاهرة وعمان وبيروت وإيطاليا، ويمتد على 137 صفحة.

ولد مريد عام 1944 قرب رام الله في الضفة الغربية، ودرس اللغة الإنجليزية قبل أن يتجه للكتابة ويصدر ديوانه الشعري الأول عام 1972 بعنوان “الطوفان وإعادة التكوين”.

جمعت مريد البرغوثي علاقة صداقة عميقة مع الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي، والكاتب الراحل غسان كنفاني، كما بدأ مشواره الشعري في وقت مبكر، وكتب أولى قصائده الموزونة وهو لا يزال طفلًا.

عاش الشاعر تجربة إنسانية وثقها في كتابه “رأيت رام الله”، وروى قصة عودته إلى مدينته، رام الله، بعد نفي لـ30 عامًا، افترق خلالها عن زوجته الأديبة المصرية الراحلة رضوى عاشور لمدة 17 عامًا، وكان مستشارًا في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في بودابست، بينما كانت رضوى عاشور مع ابنهما تميم في القاهرة.

توفي مريد البرغوثي في شباط 2021، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا وشعريًا يصل إلى نحو 18 كتابًا يتراوح مضمونها بين الشعر والنثر، وتميل بأغلبيتها نحو بلاده وقضيتها التي تحضر في مسموع ومرئي ومقروء وسائل إعلام العالم منذ أربعينيات القرن الماضي، ولا تزال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة