ارتفاع وتيرة الاعتقالات على يد “تحرير الشام” في إدلب

camera iconعنصران من "جهاز الأمن العام" خلال حملة أمنية في مدينة جسر الشغور بإدلب _30 أيار 2021 (جهاز الأمن العام / فيس بوك)

tag icon ع ع ع

تكررت عمليات وحالات الاعتقال التي تنفذها “هيئة تحرير الشام” في مناطق سيطرتها، مؤخرًا، سواءً لمدنيين أو ناشطين أو عاملين في المجال الإغاثي أو الإنساني.

ورغم تعدد الأسباب أو غياب بعضها عن حالات الاعتقال التي تنفذها “تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب وأجزاء من ريف حلب الغربي، لاقت انتقادات عديدة من غياب وجود مذكرة قضائية، وعدم توكيل محامٍ، واتباع ممارسات “مجحفة” بحق المعتقلين.

ووثقت منظمات وشبكات حقوقية هذه الاعتقالات، كما أُطلقت مبادرات طالبت “تحرير الشام” باتباع أساليب قانونية، وتعامل “عادل” مع المعتقلين.

الناشط محمد إسماعيل

اعتقلت “تحرير الشام” الناشط المدني محمد إسماعيل، في 20 من كانون الثاني الماضي، وفق ما نشره فريق “انتهاكات جبهة النصرة” الذي يوثّق انتهاكات “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقًا).

وذكر الفريق أن الناشط إسماعيل معتقل في سجون “تحرير الشام”، دون معرفة سبب الاعتقال، أو مكانه، أو السماح لذويه بزيارته.

وينحدر الناشط إسماعيل من مدينة سراقب شرقي مدينة إدلب، وعمل منسقًا ولوجستيًا ضمن منظمة “نقطة بداية” (Start Point)، واعتقلته “أمنية الهيئة” في 17 من كانون الثاني الماضي، بمنطقة صلوة غرب محافظة حلب، وأفرجت عنه بعد يوم واحد، وتركت الهاتف المحمول الخاص به لديها ضمن مركز الاعتقال.

وفي 20 من الشهر نفسه، طلب أمن “الهيئة” من إسماعيل مراجعة المكان الذي كان معتقلًا فيه ليتم تسليمه هاتفه المحمول، ليُعتقل إسماعيل وهو في الطريق إلى مركز الأمن على حاجز لـ”تحرير الشام” يقع على الطريق الواصل بين معرة مصرين وإدلب.

وأشار فريق “انتهاكات جبهة النصرة” إلى أن “تحرير الشام” داهمت منزل إسماعيل عقب اعتقاله، وصادرت جميع معداته الشخصية من منزله الكائن ضمن مدينة معرة مصرين شمال محافظة إدلب، ولا يزال معتقلًا حتى اللحظة، وحاولت عنب بلدي التواصل مع “تحرير الشام”، ولم تحصل على رد حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

الشاب غياث باكير

في 1 من آذار الحالي، اعتقلت “الهيئة” الشاب غياث باكير، بسبب منشور له عبر “فيس بوك”، حث من خلاله على استغلال الغزو الروسي لأوكرانيا، وطالب بفتح المعارك ضد النظام، بحسب ما قالته مصادر مقربة من غياث لعنب بلدي، طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية.

الشاب غياث هو المعيل الوحيد لأهله وعائلته، وينحدر من مدينة سراقب شرقي مدينة إدلب، ويسكن في مدينة بنّش شرقي إدلب منذ سيطرة النظام وحلفائه على مدينته في الأشهر الأولى من عام 2020.

من جهتها نفت “تحرير الشام” اعتقال الشاب باكير بسبب منشوره الذي طالب فيه بفتح المعارك ضد النظام، وأكد مسؤول في “الهيئة”، في مراسلة إلكترونية لعنب بلدي، اعتقال الشاب، لكنه نفى صحة الأنباء عن اعتقاله بسبب منشوره عبر “فيس بوك”.

وتمحور حديث المسؤول عن أن الشاب “منشوراته مسيئة فقط”، في حين قال حساب “إدلب بوست” المقرب من “تحرير الشام” عبر “تلجرام” أن كلام ومنشورات الشاب فيها “تمجيد للنظام السوري”.

أنس إسماعيل الدغيم

اعتقلت “تحرير الشام”، الشاب أنس إسماعيل الدغيم، في 3 من آذار الحالي، من داخل معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، في طريقه إلى تركيا مع ابنته المريضة بـ”فتحات في القلب”، وفق ما قالته مصادر مقربة من الشاب لعنب بلدي.

المصادر أوضحت، أن عناصر “الهيئة” اتصلوا بذوي الشاب لاستلام الطفلة من المعبر، واعتقلت الأب، ولم تسمح لهما بدخول الأراضي التركية لتلقي العلاج، وكانت الأسباب الأولية لاعتقال الشاب “قضية أمنية” بحسب المصادر، التي أكدت أن الشاب المعيل الوحيد لعائلته، و”مبتعد عن المشاكل”، وليس من أصحاب “السوابق”.

وينحدر الدغيم من بلدة جرجناز بريف إدلب الجنوبي، وهو مهجر مقيم في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، ويدخل الأراضي التركية بطريقة شرعية لعلاج طفلته، ضمن مواعيد محددة.

من جهته “جهاز الأمن العام” العامل في مدينة إدلب، نشر بيانًا عبر “فيس بوك“، أكد فيه اعتقال الدغيم في أثناء خروجه باتجاه الأراضي التركية لـ”الاشتباه فيه بالتعامل مع النظام”.

وذكر الجهاز أن “إدارة معبر باب الهوى” أمّنت الطفلة التي تحتاج علاجًا في الأراضي التركية وأمن خروجها مع عمها لتلقي العلاج.

الناشط الإعلامي محمد صبيح

اعتقل الجهاز الأمني في “تحرير الشام”، مساء الثلاثاء 8 من آذار، الناشط الإعلامي محمد صبيح، من مدينة سرمدا شمالي إدلب.

مصدر مقرب من الإعلامي، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أوضح لعنب بلدي، أن عناصر “أمنية الهيئة” اعتقلوا الناشط محمد صبيح، ثم داهموا منزله واعتقلوا زوجته.

كما صادروا أجهزة هواتف وحواسيب عائدة للإعلامي وزوجته في أثناء المداهمة، ليطلقوا سراح زوجته بعد ساعات، بحسب المصدر، الذي أوضح أن الناشط صبيح يعمل بمجال الجمعيات والمنظمات الإنسانية شمال غربي سوريا، وحادثة اعتقاله ليست لها علاقة بالعمل الإعلامي بحسب التوضيحات الأولية.

من جهته “جهاز الأمن العام” نشر بيانًا عبر “فيس بوك” تضمّن توضيحًا حول الإعلامي صبيح بأن التحقيق الأولي انتهى، وأكد وجود شكوى بحق الناشط وزوجته متعلقة بقضية “فساد مالي وابتزاز”، وبعد التحقيقات الأولية ثبت ضلوعه وجرى إخلاء سبيل زوجته.

ولا تزال التحقيقات جارية لدى الجهات المختصة إلى حين رفع قضيته إلى القضاء للنظر بها وصدور الحكم العادل بحقه، وفق البيان.

الانتهاكات مستمرة

وتتكرر حالات الاعتقال التي تنفذها “تحرير الشام” في مناطق سيطرتها، أو الأجهزة الأمنية كـ”جهاز الأمن العام” الذي ينفي صلته بها.

وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثّقت انتهاكات “تحرير الشام” منذ الإعلان عن تأسيس “جبهة النصرة” في سوريا في كانون الثاني 2012 حتى نهاية عام 2021، وأحصت مقتل ما لا يقل عن 505 مدنيين على يد “الهيئة”، بينهم 71 طفلًا و77 سيدة، و28 قُتلوا تحت التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن 2327 شخصًا لا يزالون قيد “الاحتجاز التعسفي” أو الاختفاء القسري في سجونها.

وذكر تقرير “الشبكة” أن “الهيئة” ارتكبت انتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان بحق الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر عمليات الخطف والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، وعبر الأحكام الجائرة الصادرة عن محاكم لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى القواعد الأساسية للمحاكمات العادلة.

وذكرت أن “الهيئة” تتبع سياسة “ماكرة”، قائمة على استدعاء الناشطين المعارضين والمتظاهرين، والمنتقدين لسياسة حكومة “لإنقاذ”، المظلة السياسية لـ”الهيئة”، والأخطاء التي ترتكبها، كما وثّقت “الشبكة السورية”، في تقرير صدر في 2 من آذار الحالي، 31 حالة اعتقال على يد “تحرير الشام”، خلال شباط الماضي.

وطالبت “الشبكة”، “تحرير الشام” أن تلتزم بالقواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، وبمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة